أهمية
العلم الشرعي والثقافة الواسعة للعاملين للإسلام وقياداتهم
كتبه ولده:
د. معاذ سعيد حوى
شيء طبيعي
أنه لا يمكن متابعة دين أو منهج أو فكر إلا بعد معرفته والعلم به، فكيف يطمع مسلم
أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرف منهجه وسنته، وكيف يطمع أن يدعو
إلى منهج لا يعرفه ولا يعلم ما فيه، ومن هنا كان لا بد لكل مسلم أن يتعرف على الحد
الأدنى من العقيدة والفقه والثقافة الإسلامية، ليستطيع العمل على ضوئه، ولما كان
أبناء التيار الإسلامي لا يقفون عند حد المتابعة، بل هم دعاة إلى هذا الدين
وعقيدته ومنهجه فلا بد أن يكون لهم اطلاع أوسع ليستطيعوا الإقناع بهذا الدين
والدفاع عنه والرد على كل فكر يخالفه، وذلك لا يكفي فيه الحد الذي يسع المسلمَ
العامّي، ولأجل ذلك حرص الوالد رحمه الله على تأليف سلسلة الأساس في المنهج، لتشمل
تفسير القرآن والسنة الصحيحة والحسنة مع فقهها، والمنهج والأصول التي تُعرف بها
العقائد والأحكام الفقهية.
ولما كانت
الحركات الإسلامية تقود أفرادها، بل وتريد أن تقود الأمة بهذا الدين، فكيف يمكن أن
تقودهم وهي جاهلة بأحكامه وعقائده، فلا بد أن تكون على علم واسع بهذه الشريعة
لتهتدي بها وتسير أتباعها عليها، وإلا فإن هذه القيادات ستقودنا بعقولها أو
بأهوائها باسم الدين بدلاً من أن تقودنا بشرع الله، فتخرج عن المسار وتنحرف عن
هدفها ووسيلتها، ويصير حالها كحال من حدث عنهم النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال:
(حتى إذا ذهب العلماء اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا
وأضلوا).
ولقد عانى
الشيخ في مسيرته الدعوية الكثير بسبب من ضعف العلم الشرعي عند بعض القيادات، حيث
يريدون أن يقرروا أشياء تتعارض مع أحكام شرعية بدهية، بل ومع عقائد مقررة لا مجال
للاجتهاد فيها، لذلك لم يكتف الشيخ في كتبه التي ألفها في آخر حياته أن يشترط
العلم الشرعي والتوسع فيه للقيادات، بل اشترط الرسوخ في العلم والقرب من رتبة
الاجتهاد.
وكان يؤكد
الشيخ رحمه الله أنه لا يمكن أن يقود الأمة الإسلامية إلا علماؤها المتبحرون في
جوانب العلوم الشرعية والمتبصرون بواقعهم، والجاهل لا يستطيع أن يقود نفسه أفنسلم
له أن يقودنا وأن يقود حركة أو أمة بكاملها، وما لم تكن الأمة حول علمائها
الربانيين فإن تكون في وضع شاذ.
والوالد
رحمه الله بات مقتنعاً في آخر حياته بضرورة وجود الشخصية الإسلامية التي تمتلك الثقافة
المعاصرة والمتوارثة، وتستجمع الخصائص النبوية، وتلتزم بمقتضيات ذلك من عمل
واستقامة وتزكية للنفس طهارة للقلب، وقد اعتبر الشيخ أن سر نجاح العمل الإسلامي متوقف
على وجود هذه الشخصيات التي من مجموعها تتكون الجهة المستشرفة المؤهلة للتخطيط
والتنظيم والقيادة للأمة.