مقابلة مع :
الأمين العام لجبهة التجمع الإسلامي
اجـرت
مجـلة المصـور المصريـة في عـددهــا المـرقـم (3251) بتاريـخ التجمع
الاسلامي في سورية ، وقد جاءت المقابلة اثناء زيارة موفقة قام بها فضيلته الى ارض
الكنانه التقى خلالها بالفعاليات السياسية والاسلامية في مصر الشقيقة .
وقد دارت المقابلة حول الواقع الإسلامي
المعاصر , وانعكاسات القضايا الراهنة على مسيرة الأمة العربية الإسلامية .
* في
البداية سألت مجلة المصور الشيخ سعيد حوى
الذي وصفته بأنه أحد الأقطاب المنظرين للحركة الإسلامية المعاصرة ـ حول النكبات
التي خلقتها الحرب العرقية الإيرانية , والخطر الإيراني الداهم على العالم العربي
والإسلامي فأجاب فضيلته :
لا شك في أن ايران قد تورطت في الموقف
الحالي . وهذه الورطة كانت لحساب الدول التي تدخل في عـــداء مع العـالم العـربي
والعـالم الاســـلامي في آن واحد , ومن مظاهـــر هــذا التورط أن العـالم كله اصبح
يستشعر أن هذه المعركة ليست في صالح الأمة
الاسلامية ، وانما في صالح الــدول الكــبرى ودول اخرى كثيرة في المنطقة . وهذا
الشعور بات جليا بل وبدا من خلال صفقة
الاسلحة الامريكية الى ايران إن الولايات
المتحـــدة واسرائيل قد وصلتا الى قــرار مفـاده أن هــذه الحــرب في مصلحتهما .
وان الموقف يجب أن يكــون مــع الجـانب الايراني في هذه الحــرب لان ايران هــي
التي تحقـق الكـثير من الاستراتيجيات ســواء لاسـرائيل أو للعـالم الغــربي أو
العالم الشـرقي في آن واحـد . فلا شـك في أن ايران باقدامها على الحرب مع العراق
قد احدثت تناقضـا اسـتغلته دول
ايران
الخميني تريد السيطرة على العالم الاسلامي
|
كثيرة . وهذا التناقض له مظاهر من اهمها
أن ما لا تستطيع اسرائيل أن تفعله بسبب مراعاتها للرأي العام العالمي والمقولات
التي اعتمدها الانسان في عصرنا فان ايران هي التي تحقق هذه المقولات وهذه القضايا
التي لا تريد أن تتورط فيها اسرائيل بشكل مباشر .
*ولكن
إذا لم تكن الحرب مجرد مجابهة بين العراق وايران فما الابعاد الاستراتيجية للحرب
العراقية الايرانية ؟
-
نحن لا نرى أن الحرب العراقية الايرانية محصورة بين دولتين . وانما هي تمثل صراعا
بين استراتيجيتين . اما الدول الكبرى فتحاول أن تستفيد من المناخ الذي احدثته
الحرب ومن ثم فان الحرب تمثل حلقة من سلسلة طويلة جدا من الحروب ، فايران الخميني
تحدوها رغبة السيطرة على العالم الاسلامي ويظهر هذا من الدعاية الكبيرة والاموال
الكثيرة التي تنفق على هذه الدعاية في كل مكان في العالم . وفي الدعوة الى الخميني
سواء في عقائده أو في مواقفه ، فالحرب
تعبير عن رغبة ايران في السيطرة على العالم الاسلامي ، وهو ما تخطط له ايران من خلال
تحالفاتها ودعايتها وحربها .
*وسألت
المجلة المصرية الشيخ سعيد حوى حول تكفير علماء المسلمين للخميني فأجاب فضيلته :
-أنا
لا أشك في أن خميني قد تورط في كتبه بكلام لا يمكن أن يبقى معه الانسان في دائرة
الاسلام . ومن هذا احدى العقائد الاسلامية التي ذكرها القرآن الكريم بصراحة
" انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون" فالخميني يبدو متورطا في
الكلام عن عدم الـدقـة في نقـل القـرآن وبالتالي فهـو يقـول انه عندما يأتي الينا
أي انسان في العالم ليقول لنا أن قرآنكم قد بدل وحرف فلا يمكن أن نعتبره مسلما
ابدا لان الأساس العظيم الذي يقوم عليه
افكار الخميني تشكل خروجا على العقيدة
الاسلامية
|
هذا
الدين هو أن هذا القرآن محفوظ حفظه الله
تعالى ، وإنه معجزة هذا الدين ولا يمكن أن يتطرق إليه شك ، وعليه فأننا من الذين
يميلون إلى أنا الخميني قد خرج على دائرة الإسلام في كثيرٍ من أفكاره التي صرح بها من هذا
ما يراه من أن الأئمة فوق الأنبياء والرسل ، وهي قضية باطلة , كما أنه تورط
في موضوع تحريف القرآن الكريم وفي أشياء أخرى كثيرة هي بمفردها أو بمجموعها تشكل
خروجاً على العقيدة الصافية ..
*وما
تصوركم لآفاق عمل الحركة الإسلامية في العالم اليوم ، وهل قيادات الحركة الإسلامية
قادرة على استيعاب روح العصر؟
-إن
اول مهمة للحركة الاسلامية هي أن تنقذ الانسان عند الله عز وجل ، ومن هنا نحن
نعتقد أن الحركة تؤدي دورا كبيرا عندما تستطيع الوصول الى الانسان وتستطيع إقناعه
بالاسلام نظريا وعمليا ، وهذه المهمة فيما يبدو قد نجحت فيها الحركة الاسلامية الى
حد كبير .
والمهمة
الثانية للحركة هي أن تحاول إقامة الاسلام اقامة علمية في الحياة . وهذا هو ما عبر
عنه بعضهم من عملية "اسلمة" المجتمعات واسلمة الدولة والشعب ، وهذه
القضية – على الارض الاسلامية خاصة – لم تستطع الحركة الاسلامية أن تصل فيها الى
بعد كبير – وان استطاعت أن تنجح بها الى حد ما ، وذلك لان وضع العالم في عصرنا وضع
معقد كما أن الوضع الاسلامي وضع شديد التعقيد لانه نتيجة لعمل كثير وطويل وبعيد
المدى ، ومن هنا فان الحركة الاسلامية عندما تريد أن تصل الى مرادها في هذا العالم
الاسلامي فانها تجد نفسها وكأنها تقاوم اوضاعا قد استقر عليها , ومن هنا لم تستطع أن تصل الى اقامة ما تريد في
هذه الناحية .
*وماذا
عن امكان التعايش بين التيارات الاسلامية والتيارات القومية والوطنية ؟
-
بالنسبة لمقدار التعايش بين هذه التيارات على الارض الاسلامية اقول بان رائد الحركة
الاسلامية الحـديثــة عمليا وهو الاستاذ "حسن البنا" رحمه الله ، قد
اســــتطاع أن يطـرح صـيغا تجعـل بالامكـان تعـايش التيار
امريكا
واسرائيل تقفان في جانب ايران
|
الامام
البنا اكد نظرية التعايش الاسلامي بين التيار الاسلامي والتيارات الاخرى
|
الاسلامي
مع التيارات السياسية الاخرى الموجودة على الارض الاسلامية وذلك لاننا نفرق بين
التيارات الوطنية والتيارات القومية التي تريد أن تطرح افكارا سياسية كبديل عن
الدين أو متناقضة مع الدين أو ملغية للدين وبين التيارات السياسية التي تعتبر
نفسها اجتهادا للكيفية التي ينبغي أن يتعامل معها قطر اسلامي أو العالم الاسلامي
ككل مع المعطيات الحضارية الجديدة . فالحركة الاسلامية ما دامت تواجه تيارات
سياسية مما لا تعتبر نفسها بديلا عن الدين فان امكان التعايش معا قائم . ولكن إذا
وصلت المسألة الى أن التيارات القومية أو الوطنية اعتبرت نفسها بديلا عن الدين أو
متناقضة معه أو ملغية له فحينئذ يكون للحركة الاسلامية موقف صلب من هذه التيارات
بالتالي فإننا هنا نؤكد على المفاهيم التي طرحها حسن البنا حول امكان التعايش مع
الفهم القومي أو الوطني إذا لم يتناقض مع مفهوم اسلامي أو مع الدين الاسلامي ككل
إننا نؤكد على هذا المعنى بالنسبة للحركة الإسلامية ونطالب أنفسنا به ، ونؤكد على
الحركات الوطنية والقومية أن تعتبر اجتهاداتها معالجة لواقع معاصر لا بديلاً عن
الإسلام أو ملغياً أو مقوضاً أو نقيضاً له.
*وحول
ما يسمى بظاهرة العنف ، وعلاقتها بالتيار الإسلامي أجاب فضيلته
إن العنف في التيار الإسلامي كان أثرا لوجود
التيارات الحادة الاخرى . وان كثيرا من ابناء الاسلام فكروا في العنف نتيجة لوجود
هذه التيارات الحادة . ولو أن التيارات الاخرى لم تتعامل مع الفكر الاسلامي بحدة
ولم تطرح نفسها كــبديل عن الاســلام لأمكن السيطرة على مجابهــة التحـــرك الاســـلامي بحـيث لا تتسم بعنف أو
ارهــاب . وخاصـة اننا نعــلم أن الاســتاذ البنا كــان يحاول بكل امكــاناته أن
يســيطر على العــنف في جماعتــه أو فـــي التيــار الـــذي احــــــدثه . وما
ذلــك الا لان
استمرار
النظام السوري في تصفية الاسلام دفعنا لمواجهته
|
امنيتنا
أن نبقى احرارا وان ندعو الى الله بحرية
|
النقطة
الاساسية التي كان يحاول البنا ي مرحلته – والتيار الاسلامي فيما بعد المرحلة
الاولى – أن يسيطر عليها هي أن يوائم بين
معطيات متعددة. فالتيار الاسلامي الحديث يحاول هذه المواءمة لضمان استمرار وجوده .
*فما
تعليل وجود هذه التيارات المتطرفة في الارض الاسلامية ؟
-
اظن أن العامل الرئيسي الذي اوجده هو رد الفعل لما يعانيه التيار الاسلامي ولما
يتطلع اليه في أن واحد . واضرب مثلا على ذلك بوضع الحركة الاسلامية في سوريا .
فنحن لمن نكن نفكر في العنف كوسيلة من وسائل الصراع السياسي . بل كانت كل امانينا
في الحقيقة هي أن نبقى احرارا وان ندعو الى الله بحرية وكان لدينا استعداد في
مقابل ذلك لان نتحمل كثيرا من الصدمات ولكن عندما شعرنا بان النظام في سوريا يريد
أن يستأصل الاسلام استئصالا كاملا واصبح هذا الشعور يشكل تهديدا كاملا لكل البلدان
العربية المجاورة والاسلامية عندئذ قررنا أن نتخذ موقفا من هذا النظام الذي سار في
سياسة استئصال الاسلام على كل صعيد في الجيش والتعليم والوظائف والمؤسسات ثم
بالنسبة للقيم التي حاول أن يضربها . فلولا هذا لكان بالامكان تجنب أي صدام بين
الحرة الاسلامية وبينه . ولكن استمرار النظام في تصفية الاسلام حدا بنا الى قرار
المواجهة . ذلك أن ابناء الحركة لم يجدوا مخرجا ولا منفذا الا استخدام شعار
(اقتلوني ومالكا) . وعندئذ ينعدم التفكير ويفضل ابناء الحركة أن يقتلوا ويقتلوا على
أن يتحملوا ما يرونه من استئصال لدينهم واشخاصهم .
وفي
ختام المقابلة وجه فضيلة الشيخ سعيد حوى كلمة الى الشباب المسلم حثه فيها على
الاقبال على العلم والتحلي بالحلم والحكمة ، واكد أن اجتماع العناصر الثلاثة ضرورة
لتشكيل المسلم المعاصر ، ولكن إذا فقد الدقة العلمية ، ولم يملك الحلم أو الحكمة
فعندئذ سيكون حجة على دين الله بدلا من أن يكون حجة لدين الله .