مستقبل الأمة الإسلامية
على ضوء مرويات حذيفة بن اليمان t
د.محمد سعيد حوى
جامعة مؤتة/كلية الشريعة
خلاصة
أرشدنا
النبي r إلى أهمية معرفة خصائص الرجال، واستكشاف المستقبل، فبين كثيراً من
ذلك، ومن هؤلاء الأعلام الذين تتلمذوا في مدرسة النبوة واهتموا بمعرفة المستقبل:
الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان t؛ فجاءت هذه الدراسة لبيان أهمية معرفة المستقبل، وخاصة ما يتعلق
بحسن الفهم والعمل، وعدم اليأس، واستكشاف منهج التعامل مع تلك الفتن.
كما
ركزت الدراسة على معرفة مراحل الأمة الإسلامية في ضوء ما صح عن حذيفة t عن رسول الله r في حديث: (كان الناس يسألون رسول الله عن الخير...) وحديث: (تكون النبوة
فيكم ما شاء الله أن تكون...).
كما
عُنيت الدراسة بالكشف عن أحاديث حذيفة الصحيحة في الفتن، وعددها سبعة، عدا ما سبق،
ولفتت النظر إلى ما لم يصح في هذا الباب، وعددها خمسة وعشرون حديثاً، هذا من غير
البحث في مرويات المهدي والدجال والسفياني.
The
Future of the Islamic Nation In The Light of the Narrations of Hudhaifah Ibn
Al-Yaman (May Allah Be Pleased With Him).
By Dr. Mohammad Said Hawwa
Mutah University - Faculty of Shariah – Theology department
ABSTRACT
The prophet (Peace
Be Upon Him) guided Muslims to the importance of knowing the characteristics of
men, and to explore the future, and he explained and clarified many sides of
these topics. Among the companions who learned at the School of prophecy and
were interested in knowing the future: the noted companion Hudhaifah Ibn
Al-Yaman (May Allah Be Pleased With Him). This study demonstrate the importance
of knowing the future, especially which related to the good understanding of
Islam, the work and not to despair. The study will try to explore and conclude
the approach to deal with future trials and tribulations, the study also
focused on knowing the stages of the Muslim Ummah in the light of the saheeh
hadeeth narrated by Hudhaifah Ibn Al-yaman: (The people used to ask Allah's
messenger about good, but I used to ask him about evil…) and ( the prophecy
will stay among you until what God willing, then...). This study also meant to
study and detects the saheeh hadeeths narrated by Hudhaifah about the trials
and tribulations which is seven, except for the above. The study drew attention
to what is not saheeh in this section, which is twenty-five text. Finally the
study did not include the texts about Mahdi, Antichrist, and Sufyani which need
another separate study.
المقدمة
من الأهمية بمكان
استشراف المستقبل، و معرفة خصائص الرجال واهتماماتهم، وقد حرص النبي r على الأمرين معاً؛ فحدثنا كثيراً عن المستقبل؛ وحديثه في ذلك وحي
وحق؛ ليكون ذلك من أعلام نبوته، ولئلا نقع في اليأس إذا ما مرت بنا الشدائد،
ولنتعرف إلى الفتن قبل وقوعها، و لنحسن العمل، ونجده r كثيراً ما
ينوه ببعض خصائص أصحابه، فكان أبو بكر الصديق t وعمر
الفاروق t، وكانا وزيريه r ([1])، وكان علي t أقضى الصحابة([2])، وكان أبو عبيدة t أمين هذه الأمة([3])، وفي الحديث عَنْ أَنَسٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r : « أَرْحَمُ أُمَّتِي بأمتي أَبُو بَكْرٍ،
وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ،
وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَقْرَؤُهَا
لِكِتَابِ اللهِ أُبَيٌّ، وَأَعْلَمُهَا بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ،
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
الْجَرَّاحِ »([4]) وكان أبو هريرة t أكثرهم رواية وأحفظهم([5])، وكان ابن عباس رضي الله عنهما العالم
بكتاب الله([6])، وكان أبو ذر t الأكثر زهداً([7])، واشتهر معاوية t وعمرو بن العاص t بالسياسة والحنكة، واشتهر خالد t بفنون الحرب
والقتال([8])، وغيرهم كثير، ومن ثمّ فقد اشتهر
عن حذيفة t حرصه على معرفة الشر ليتجنب، وكان أمين سر النبي
r إذ عرفه بأسماء المنافقين([9]).
إن التعرف
إلى خصائص كل صحابي، واهتماماته، ثم دراسة رواياته فيما كانت له فيه عناية خاصة
مما يجعلنا نقف على جانب مهم من العلم والتربية النبوية، كما نقف على منهجه r في الكشف عن خصائص الرجال واستثمار ذلك، ومن ثمّ رأيت ونظراً لما
عرف عن حذيفة t من اهتمام خاص بأحاديث الفتن، وبالنظر لما تمر
به الأمة؛ رأيت من المهم أن نلقي الأضواء على هذا الجانب_المستقبل_ بما يبعث الأمل
ويصحح العمل؛ إضافة إلى التعرف إلى ما صح في هذا الباب، وتمييزه عن غيره، مع حسن
الفهم ودقته؛ إذ تكثر الدعاوى في ذلك، و من ثمّ كانت هذه الدراسة، وجاءت في سبعة
مطالب:
المطلب الأول: ترجمة موجزة للصحابي الجليل حذيفة بن
اليمان t.
المطلب الثاني: اهتمام حذيفة بن اليمان t بأخبار الفتن والمستقبل وسعة علمه بها.
المطلب الثالث: في إفادة الصحابة من علم حذيفة t بالفتن.
المطلب الرابع: في المراحل العامة لمسيرة الامة.
المطلب الخامس: في ما صح عن حذيفة t فيما يكون بين يدي الساعة.
المطلب السادس: منهج التعامل مع الفتن على ضوء مرويات
حذيفةt.
ملحق: في أحاديث عن حذيفة t عما يكون بين يدي الساعة، ولم تصح.
ثم الخاتمة، وفيها: أهم نتائج الدراسة.
وخلاصة منهجي
في ذلك:
_ تتبع مرويات حذيفة؛ مستعيناً بـ«المسند الجامع»([10])، وكتاب الفتن([11])، وكتاب الفتن والملاحم، لابن كثير([12]).
- قمت بتخريج الأحاديث، وحكمت على كل حديث بما يناسبه.
- اعتمدت في الاستنباط على ما كان صحيحاً سالماً من
العلل.
- فصلت الدراسة في حديثي حذيفة t: (كان
الناس...) و (تكون النبوة...) أمّا الأحاديث الأخرى فاقتصرت الدراسة على عرض
النصوص ونقدها وبيان مفرداتها؛ لاستكشاف معالم المستقبل، وإلا فإن كل حديث يمكن أن
يكون موضوع دراسة مستقلة مستفيضة؛ نقداً وفقهاً؛ وحسبي في ذلك أن أكون قد وضعت
أساساً بين يدي الباحثين في هذا الشأن.
- بقي من أحاديث حذيفة في هذا الشأن مروياته في الدجال
والمهدي والسفياني([13])؛ فوجدت أنها تصلح موضوعاً مستقلاً؛
لسعتها من جهة، وكونها أحداثاً قائماً بذاتها.فإن وفقت فبفضل الله وتوفيقه، وإن
أخطأت أو قصرت فمن نفسي وأستغفر الله.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين
د.محمد سعيد
حوى
المطلب
الأول:
ترجمة
موجزة للصحابي الجليل حذيفة بن اليمان t
اسمه
ونسبه:
هو حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ بنِ جَابِرٍ العَبْسِيُّ ([14]).
قال الذهبي:مِنْ
نُجَبَاءِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ
صَاحِبُ السِّرِّ ([15]).
وَاسْمُ أبيه
اليَمَانِ: حِسْلٌ - وَيُقَالُ: حُسَيْلٌ - ابْنُ جَابِرٍ العَبْسِيُّ،
اليَمَانِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، وكان أصاب دماً فهاجر إلى المدينة، و حالف بني
عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية([16]).
ومن
مناقبه:
1- لحذيفة t فِي (الصَّحِيْحَيْنِ): اثْنَا عَشَرَ
حَدِيْثاً، وَفِي البُخَارِيِّ: ثَمَانِيَةٌ، وَفِي مُسْلِمٍ: سَبْعَةَ عَشَرَ
حَدِيْثاً([17]).
2- حرص
حذيفة وأبوه رضي الله عنهما أن يشهدوا بدراً، ولم يتمكنا، وسبب ذلك مارواه حُذَيْفَةُ؛
قال: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي،
فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكم تُرِيْدُوْنَ مُحَمَّداً! فَقُلْنَا:
مَا نُرِيْدُ إِلاَّ المَدِيْنَةَ؛ فَأَخَذُوا العَهْدَ عَلَيْنَا:
لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ؛ فَأَخْبَرْنَا
النَّبِيَّ r فَقَالَ: (نَفِيْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِيْنُ اللهَ عَلَيْهِم ([18]).
3- شَهِدَ حذيفة
وأبوه رضي الله عنهما أُحُداً، فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ والده، قَتَلَهُ بَعْضُ
الصَّحَابَةِ غَلَطاً، وَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ فلَمَّا شَدُّوْا عَلَى اليَمَانِ
يَوْمَئِذٍ، أخذ حُذَيْفَةُ يَصِيْحُ: أَبِي! أَبِي! يَا قَوْمُ! فَرَاحَ خَطَأً،
فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ عَلَيْهِم بِدِيَتِهِ([19]).
4- أنه الذي
أسرّ له النَّبِيُّ r بأَسْمَاءَ المُنَافِقِيْنَ([20]).
5- وَضَبَطَ
عَنْ رسول الله r الفِتَنَ الكَائِنَةَ فِي الأُمَّةِ([21]).
6- و هُوَ
الَّذِي نَدَبَهُ رَسُوْلُ اللهِ r لَيْلَةَ الأَحْزَابِ لِيَجُسَّ لَهُ خَبَرَ العَدُوِّ([22]).
7- و علَى
يَدِهِ فُتِحَ الدِّيْنَوَرُ عَنْوَةً([23]).
8- ولي لعمر
t المدائن، وبقي عليها إلى ما بعد استشهاد عثمان t ([24]).
وفاته:
روى جَمَاعَةٌ:
عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ حُذَيْفَةَ t المَوْتُ، قَالَ: حَبِيْبٌ جَاءَ عَلَى فَاقَةٍ؛ لاَ أَفْلَحَ مَنْ
نَدِمَ! أَلَيْسَ بَعْدِي مَا أَعْلَمُ! الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَبَقَ بِي
الفِتْنَةَ! قَادَتَهَا وَعُلُوْجَهَا ([25]).
وروي عنه
أنه قال يوم موته سحراً: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ صَبَاحٍ إِلَى النَّارِ - ثَلاَثاً
- ثُمَّ قَالَ: اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ؛ فَإِنَّهُمَا لَنْ
يُتْرَكَا عَلَيَّ إِلاَّ قَلِيْلاً حَتَّى أُبْدَلَ بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا،
أَوْ أُسْلَبَهُمَا سَلْباً قَبِيْحاً. فَجَاؤُوْا بِحُلَّةٍ ثَمَنُهَا ثَلاَثُ
مائَةٍ، فَقَالَ: لاَ، اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ ([26]).
ومَاتَ حُذَيْفَةُ t بِالمَدَائِنِ، أول خلافة علي سنة ست وثلاثين، بَعْدَ عُثْمَانَ، بأربعين
ليلة، وَلَهُ عَقِبٌ([27]).
المطلب
الثاني:
اهتمام
حذيفة بن اليمان بأخبار الفتن والمستقبل وسعة علمه بها
لقد اشتهر حذيفة بن اليمان t بحرصه على معرفة أخبار الفتن([28])؛ حرصاً منه على معرفة الشر ليجتنب،
وهو الذي اشتهر عنه حديث: ( كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن
الشر؛ مخافة أن يدركني...)([29]). فكان من ثمار ذلك أن حفظ لنا
جملة وافرة من النصوص التي تتكلم عن الفتن ومستقبل الآمة الإسلامية، وفيما يلي
بيان النصوص الواردة في بيان اهتمامه بذلك، وحرصه عليه:
الحديث الأول:
عن عبدالله بن يزيد عن حذيفة t أنه قال: (أخبرني رسول الله r بما هو كائن
إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته، إلا أني لم أسأله ما يُخرج أهل
المدينة من المدينة ([30])؟).
الحديث الثاني:
عن ابن شهاب أن
أبا إدريس الخولاني كان يقول: قال حذيفة بن اليمان t: (والله إني
لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي إلا أن يكون رسول
الله r أسر إلي في ذلك شيئاً لم يحدثه غيري، ولكن رسول الله r قال وهو يحدث مجلساً أنا فيه عن الفتن: منهن ثلاث لا يكدن يذرن
شيئاً، ومنهن فتن كرياح الصيف، منها صغار ومنها كبار، قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط
كلهم غيري)([31]).
الحديث الثالث:
عن شقيق، عن حذيفة t، قال: (قام
فينا رسول الله r مقاماً ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث
به، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد
نسيته فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه)([32]).
الحديث الرابع:
عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: «مَا
أَنَا إِلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِكُمْ بِأَهْدَى مِنِّي بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ
كَائِنَةٌ وَبِنَاعِقِهَا وَقَائِدِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»([33]).
الحديث الخامس:
عَنْ حُذَيْفَةَ
بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: «لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ، مَا
أَعْلَمُ مَا رَقِبْتُمْ بِيَ اللَّيْلَ»([34]).
الحديث السادس:
عَنْ حُذَيْفَةَ
بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: «مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَنْ يُرْسَلَ
عَلَيْكُمُ الشَّرُّ فَرَاسِخَ، إِلَّا مَوْتُ عُمَرَ t »([35]).
المطلب
الثالث:
في
إفادة الصحابة من علم حذيفة t بالفتن
الحديث الأول:
وله
روايتان:
الرواية الأولى:
عن شقيق عن حذيفة t قال: كنا عند عمر، فقال أيكم يحفظ حديث رسول الله r في الفتنة كما قال ؟ قال: فقلت أنا: قال إنك لجريء، وكيف قال ؟
قال: قلت: سمعت رسول الله r يقول: ( فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها
الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال عمر: ليس هذا
أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر، قال: فقلت: مالك ولها يا أمير المؤمنين؟ إن
بينك وبينها باباً مغلقاً، قال: أفيكسر الباب أم يفتح؟ قال: قلت: لا بل يكسر، قال:
ذلك أحرى أن لا يغلق أبداً، قال: فقلنا لحذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب ؟ قال
نعم، كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، قال: فهبنا أن
نسأل حذيفة من الباب ؟ فقلنا لمسروق سله، فسأله، فقال: عمر)([36]).
الرواية الثانية:
من حديث ربعي بن حِراش، عن حذيفة t، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟ فَقَالَ قَوْمٌ نَحْنُ سَمِعْنَاهُ. فَقَالَ
لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَجَارِهِ قَالُوا أَجَلْ.
قَالَ تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ
أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَذْكُرُ الْفِتَنَ الَّتِى
تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ
أَنَا. قَالَ: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ. قَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ r يَقُولُ « تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ
عُودًا عُودًا، فَأَىُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ،
وَأَىُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ
عَلَى قَلْبَيْنِ؛ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا
دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ
مُجَخِّيًاً، لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلاَّ مَا
أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ». قَالَ حُذَيْفَةُ: وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ بَيْنَكَ
وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًاً، يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ. قَالَ عُمَرُ أَكَسْرًا
لاَ أَبَا لَكَ؛ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ. قُلْتُ لاَ بَلْ
يُكْسَرُ. وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ.
حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. قَالَ أَبُو خَالِدٍ (سليمان بن حيان )فَقُلْتُ
لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ: مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا؟ قَالَ: شِدَّةُ
الْبَيَاضِ فِى سَوَادٍ. قَالَ قُلْتُ فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا قَالَ مَنْكُوساً)([37]).
الحديث الثاني:
عن قيس بن عباد،
قال: قلت لعمار t : أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي أرأياً رأيتموه أو
شيئاً عهده إليكم رسول الله r ؟ فقال ما عهد إلينا رسول الله r شيئاً لم
يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي r قال: قال
النبي r: في أصحابي اثنا عشر منافقاً فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج
الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة، وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة
فيهم([38]).
وفي رواية أخرى عن قيس بن عباد، قال:
قلنا لعمار t أرأيت قتالكم أرأياً رأيتموه ؟ فإن الرأي يخطئ
ويصيب، أو عهداً عهده إليكم رسول الله r ؟ فقال ما
عهد إلينا رسول الله r شيئاً لم يعهده إلى الناس كافة، وقال: إن رسول الله r قال: إن في أمتي قال شعبة: وأحسبه قال: حدثني حذيفة.
وقال غندر: أراه قال: في أمتي اثنا عشر منافقاً لا
يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم
الدبيلة؛ سراج من النار؛ يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم)([39]).
والإشارة في هذا الحديث إلى اعتماد الصحابة لحذيفةt مرجعاً، وكونه أخبره النبيr بسر
المنافقين، كما سبقت الإشارة، ويؤيده الحديث التالي:
الحديث الثالث:
عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ
الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي
جَلِيسًا صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ
قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو
الدَّرْدَاءِ t، فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا
صَالِحًا، فَيَسَّرَكَ لِي، قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ،
قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ
وَالوِسَادِ، وَالمِطْهَرَةِ، وَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ
الشَّيْطَانِ، - يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ r -
أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ r الَّذِي لاَ
يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ([40]).
المطلب
الرابع:
في المراحل العامة لمسيرة الأمة
وفيه حديثان:
الحديث الأول: (كان
الناس يسألون عن الخير):
وله ثماني طرق عن حذيفة t، وبعضها
مختصر جداً، وفي بعضها ما ليس في الآخر، وفيما يأتي عرض لهذه الطرق، ودراستها،
وبيان اختلاف ألفاظها:
الطريق الأول:
عن أَبُي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ، أَنَّهُ سَمِعَ
حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ t يَقُولُ: ( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ
اللَّهِ r عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ
أَنْ يُدْرِكَنِى. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ
وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ
مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: « نَعَمْ ». قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟
قَالَ: « نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ ». قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: « قَوْمٌ
يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ». قُلْتُ: فَهَلْ
بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: « نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ
جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا؛ فَقَالَ: « هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ
بِأَلْسِنَتِنَا » قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ؟ قَالَ: «
تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا،
وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ
عَلَى ذَلِكَ)([41]).
دراسة الرواية الأولى:
اتفق الشيخان على هذه الرواية، فهي أصح الروايات، ومن
ثمّ فستعتمد للدراسة والمقارنة بينها وبين الروايات الأخرى.
إلا
أن محمد بن المثنى قال في حديثه عند (مسلم و البيهقي في الكبرى والدلائل)([42]): (قلت وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير
هديي) (أي زاد قوله: قوم يستنون بغير سنتي) وكذا قال أبو عوانة في حديثه عن علي بن
سهل الرملي عن الوليد بن مسلم: (أقوام يهدون بغير هدينا ويستنون بغير سنتنا).
فزيادة محمد بن المثنى: (يستنون بغير سنتي)
تابعه عليها: علي بن سهل الرملي، وهو صدوق([43])،
و هي كالتفسير لقوله: (يهدون بغير هديي)..
ولفظ
ابن ماجه([44]): ( يكون دعاة على أبواب جهنم. من أجابهم إليها قذفوه فيها
) قلت يا رسول الله صفهم لنا. قال ( هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ) قلت فما
تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال: ( فالزم جماعة المسلمن وإمامهم. فإن لم يكن لهم جماعة
ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها. ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك
).
الطريق الثانية:
عن أبي سلاَّم قال: قال حذيفة بن اليمان t: قلت يا رسول الله: إنا كنا بشر فجاء الله بخير؛ فنحن فيه؛ فهل من
وراء هذا الخير شر ؟ قال: ( نعم )، قلت: هل من وراء ذلك الشر خير ؟ قال: ( نعم )،
قلت: فهل من وراء ذلك الخير شر ؟ قال: ( نعم )، قلت: كيف ؟ قال: ( يكون بعدي أئمة
لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في
جثمان إنس )، قال قلت: كيف أصنع ؟ يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال: ( تسمع وتطيع
للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع )([45]).
دراسة الرواية الثانية:
أولاً: سنداً:
أخرج الإمام مسلم هذه الرواية تالياً في الباب(أي لم
يصدر بها الباب) وهي من رواية أبي سلاّم؛ ممطور الحبشي، قال: قال حذيفة. وقد قال الدَّارَقُطنِيّ: لم يسمع من حذيفة، ولا من نظرائه
الذين نزلوا العراق، لان حذيفة توفي بعد قتل عثمان رضي الله عنه بليال([46])، وقال ابن حجر: وأرسل عن حذيفة([47]).
ثانياً: متناً:
بمقارنة هذه الرواية برواية أبي إدريس التي اتفق عليه
الشيخان نجد ما يأتي:
1- لم تذكر الدخن ولا تفسيره.
2- زاد في وصف الشر الأخير:( يكون بعدي أئمة لا يهتدون
بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس).
3- زاد في روايته: ( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك
وأخذ مالك فاسمع وأطع).بينما في رواية أبي إدريس: (تلزم جماعة المسلمين)
4- لم يذكر في روايته:( تعتزل تلك الفرق).
الطريق الثالثة:
عَنْ خَالِد بْنِ خَالِدٍ الْيَشْكُرِىِّ
وقد رواها عن خالد اليشكري: نصر بن عاصم، وصخر بن بدر،
وعلي بن زيد.
وعن نصر: قتادة و حميد بن هلال؛ ووقع فيها بعض الاختلاف،
وفيما يأتي بيان ذلك:
- رواية قتادة عن نصر بن عاصم عن خالد اليشكري:
(قَالَ خَرَجْتُ زَمَانَ فُتِحَتْ تُسْتَرُ حَتَّى
قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ فِيهَا
رَجُلٌ صَدَعٌ مِنَ الرِّجَالِ حَسَنُ الثَّغْرِ يُعْرَفُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ
رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ؛ قَالَ: فَقُلْتُ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ:
أَوَمَا تَعْرِفُهُ؟ فَقُلْتُ: لاَ. فَقَالُوا: هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ
صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ r.
قَالَ فَقَعَدْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ؛ فَقَالَ: إِنَّ
النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ r عَنِ
الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَوْمُ
عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّى سَأُخْبِرُكُمْ بِمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ؛
جَاءَ الإِسْلاَمُ حِينَ جَاءَ فَجَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ كَأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ
وَكُنْتُ قَدْ أُعْطِيتُ فِى الْقُرْآنِ فَهْماً، فَكَانَ رِجَالٌ يَجِيئُونَ
فَيَسْأَلُونَ عَنِ الْخَيْرِ فَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ فَقُلْتُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ: أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ
شَرٌّ فَقَالَ « نَعَمْ ». قَالَ قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ « السَّيْفُ ». قَالَ قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ هَذَا السَّيْفِ بَقِيَّةٌ؟
قَالَ: « نَعَمْ تَكُونُ إِمَارَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ ».
قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: « ثُمَّ تَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلاَلَةِ؛
فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ
مَالَكَ فَالْزَمْهُ وَإِلاَّ فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ ».
قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بَعْدَ ذَلِكَ
مَعَهُ نَهَرٌ وَنَارٌ، مَنْ وَقَعَ فِى نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَحُطَّ وِزْرُهُ،
وَمَنْ وَقَعَ فِى نَهَرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ وَحُطَّ أَجْرُهُ ». قَالَ قُلْتُ:
ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: « ثُمَّ يُنْتَجُ الْمُهْرُ فَلاَ يُرْكَبُ حَتَّى تَقُومَ
السَّاعَةُ)([48]).
- رواية حميد بن هلال:
قالَ أَبُو النَّضْرِ فِى حَدِيثِهِ: حَدَّثَنِى
حُمَيْدٌ - يَعْنِى ابْنَ هِلاَلٍ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِىُّ،
قَالَ: أَتَيْتُ الْيَشْكُرِىَّ فِى رَهْطٍ مِنْ بَنِى لَيْثٍ. قَالَ فَقَالَ مَنِ
الْقَوْمُ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَنُو لَيْثٍ. قَالَ فَسَأَلْنَاهُ وَسَأَلَنَا ثُمَّ
قُلْنَا: أَتَيْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ. قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ
أَبِى مُوسَى قَافِلِينَ وَغَلَتِ الدَّوَابُّ بِالْكُوفَةِ، فَاسْتَأْذَنْتُ
أَنَا وَصَاحِبٌ لِى أَبَا مُوسَى، فَأَذِنَ لَنَا فَقَدِمْنَا الْكُوفَةَ
بَاكِراً مِنَ النَّهَارِ، فَقُلْتُ لِصَاحِبِى: إِنِّى دَاخِلٌ الْمَسْجِدَ
فَإِذَا قَامَتِ السُّوقُ خَرَجْتُ إِلَيْكَ. قَالَ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ
فَإِذَا فِيهِ حَلْقَةٌ كَأَنَّمَا قُطِعَتْ رُءُوسُهُمْ يَسْتَمِعُونَ إِلَى
حَدِيثِ رَجُلٍ. قَالَ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ. قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَامَ إِلَى
جَنْبِى. قَالَ قُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ أَبَصْرِىٌّ أَنْتَ؟ قَالَ قُلْتُ:
نَعَمْ. قَالَ قَدْ عَرَفْتُ لَوْ كُنْتَ كُوفِيًّا لَمْ تَسْأَلْ عَنْ هَذَا؛
هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ. قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَيْرِ
وَأَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْخَيْرَ لَنْ يَسْبِقَنِى قُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: « يَا حُذَيْفَةُ
تَعَلَّمْ كِتَابَ اللَّهِ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَ قُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبَعْدَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: « هُدْنَةٌ عَلَى
دَخَنٍ وَجَمَاعَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
الْهُدْنَةُ عَلَى دَخَنٍ مَا هِىَ قَالَ: « لاَ تَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَى
الَّذِى كَانَتْ عَلَيْهِ ». قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبَعْدَ هَذَا
الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: « فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ عَلَيْهَا دُعَاةٌ عَلَى
أَبْوَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَنْ تَمُوتَ يَا حُذَيْفَةُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى
جِذْلٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَداً مِنْهُمْ »([49]).
ويلاحظ أنه ليس فيها ذكر السيف ولا الدجال، كما أن بعض
روايات قتادة لم تذكر الدجال.
_ رواية علي بن زيد، وهي مختصرة؛
ونصها: ( عَنِ الْيَشْكُرِىِّ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ كَمَا كَانَ
قَبْلَهُ شَرٌّ قَالَ « يَا حُذَيْفَةُ اقْرَأْ كِتَابَ اللَّهِ وَاعْمَلْ بِمَا
فِيهِ ». فَأَعْرَضَ عَنِّى فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَعَلِمْتُ
أَنَّهُ إِنْ كَانَ خَيْراً اتَّبَعْتُهُ وَإِنْ كَانَ شَرًّا اجْتَنَبْتُهُ،
فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: « نَعَمْ فِتْنَةٌ
عَمْيَاءُ عَمَّاءُ صَمَّاءُ وَدُعَاةُ ضَلاَلَةٍ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ
أَجَابَهُمْ قَذَفُوهُ فِيهَا)([50]).
_ رواية صخر بن بدر: عن سبيع بن خالد،
قال أبو داود: بهذا الحديث، عن حذيفة t عن النبي r قال: « فإن
لم تجد يومئذ خليفة فاهرب حتى تموت، فإن تمت وأنت عاض »، وقال في آخره: « قال:
قلت: فما يكون بعد ذلك؟ قال: لو أن رجلاً نتج فرساً لم تنتج حتى تقوم الساعة »([51]). أي سرعة قيام الساعة.
دراسة الرواية الثالثة:
السند:
أ-
مدار هذه الرواية على خالد
اليشكري، وعنه:
1-
نصر بن عاصم الليثي، وهو ثقة([52]).
2-
صخر بن بدر، وهو مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات([53]).
3-
علي بن زيد، وهو ضعيف([54]).
وعليه فلا يمكننا الاعتماد إلا على راوية نصر، لأن صخراً
مجهول، وعلي بن زيد ضعيف.
ب- اختلف في اسم اليشكري، فذكره المزي في سبيع بن خالد،
وسماه آخرون: خالد بن خالد اليشكري، وسماه صخر وأبو عوانة (في روايته عن قتادة)؛
سموه: سبيع بن خالد، وسماه ابن شوذب: خالد بن سبيع. ورجح ابن حجر تسميته ـ تبعاً
للمزي ـ أنه سبيع بن خالد، وقال المزي: ويقال خالد بن اليشكري البصري، ويقال: سبيع
بن خالد، وخالد بن سبيع، بالشك، وقال المزي: ويقال غير ذلك([55]). وذكر نحو ذلك ابن حجر([56])، بعد أن رجح أنه سبيع بن خالد.
ج- و خالد اليشكري ومع الاختلاف في اسمه؛ ذكره ابن حبان
في الثقات ([57]). ولم يوثقه أحد من المتقدمين.
دراسة متن الرواية الثالثة:
1- فصّل في تفسير الشر الأول الذي يكون بعد الخير
المطلق، قال: قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « السَّيْفُ ».بينما
رواية أبي إدريس مرت بها دون تفصيل.
2- أشار إلى الخير، الذي فيه دخن، بعد الشر بقوله: ((
قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ هَذَا السَّيْفِ بَقِيَّةٌ؟ قَالَ: « نَعَمْ تَكُونُ
إِمَارَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ ».بينما في رواية أبي
إدريس:(قوم يهدون بغير هدي، ويستنون بغير سنتي).
3- أشار إلى الشر بعد ذلك بقوله:)) قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «
ثُمَّ تَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلاَلَةِ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ فِى
الأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَالْزَمْهُ وَإِلاَّ فَمُتْ
وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ ». بينما في رواية أبي إدريس: (دعاة إلى
أبواب جهنم... ثم أمره (تلزم جماعة المسلمين) وليس فيها: (جلد ظهرك، وأخذ مالك).
4- اختلفت
الروايات عن اليشكري نفسه، لكننا لم نعتمد إلا رواية نصر بن عاصم لضعف الرواة
الآخرين.
الطريق الرابعة:
عن عبد الرحمن بن قُرْط؛ قال: (دخلنا مسجد الكوفة فإذا
حلقة وفيهم رجل يحدثهم فقال: كان الناس يسألون رسول الله r عن الخير
وكنت أسأله عن الشر كيما أعرفه فأتقيه، وعلمت أن الخير لا يفوتني؛ قلت: يا رسول
الله هل بعد الخير من شر؟ قال: يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه، فأعدت عليه
القول ثلاثاً، فقال في الثالثة: فتنة واختلاف، قلت: يا رسول الله هل بعد ذلك الشر
من خير؟ قال: يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه ثلاثاً، ثم قال في الثالثة:
هدنة على دخن وجماعة على قذى([58]) فيها، قلت: يا رسول الله هل بعد
ذلك الخير من شر؟ قال: يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه ثلاثاً، ثم قال في
الثالثة: فتن على أبوابها دعاة إلى النار؛ فلأن تموت وأنت عاض على جذل خير لك من
أن تتبع أحداً منهم)([59]).
ورواية ابن ماجه مختصرة، ولفظها: (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ
الْيَمَانِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : « تَكُونُ فِتَنٌ عَلَى أَبْوَابِهَا دُعَاةٌ إِلَى النَّارِ
فَأَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ
تَتْبَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ »)([60]).
دراسة الرواية الرابعة:
مدار هذه الطريق على عبد الرحمن بن قرط، وهو مجهول([61])، و هي اختصار لرواية اليشكري
السابقة.
الطريق الخامسة:
عن السَّفْر بْن نُسَيْرٍ الأَزْدِىُّ وَغَيْره، عَنْ
حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا كُنَّا فِى
شَرٍّ فَذَهَبَ اللَّهُ بِذَلِكَ الشَّرِّ، وَجَاءَ بِالْخَيْرِ عَلَى يَدَيْكَ،
فَهَلْ بَعْدَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: « نَعَمْ ». قَالَ مَا هُوَ؟ قَالَ: «
فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً تَأْتِيكُمْ
مُشْتَبِهَةً كَوُجُوهِ الْبَقَرِ لاَ تَدْرُونَ أَيًّا مِنْ أَىٍّ »([62]).
دراسة الرواية الخامسة:
هذه الرواية من طريق السَّفْر بن نُسير، وهو ضعيف([63])، أمّا غيره المشار إليهم ففي حكم
الجهالة، أو إشارة إلى من سبق أو سيأتي من الرواة ممن روى الحديث، كما أن الرواية
مختصرة، ثمّ إنه فسّر الشر الذي يكون بعد الخير المطلق بما ذكر، وهذا التفسير إنما
ينطبق على الشر المتأخر.
الطريق السادسة:
عن أبي الطُّفَيْلِ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ
الْيَمَانِ يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ تَسْأَلُونِى فَإِنَّ النَّاسَ
كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ r عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ إِنَّ اللَّهَ
بَعَثَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ فَدَعَا النَّاسَ مِنَ
الْكُفْرِ إِلَى الإِيمَانِ، وَمِنَ الضَّلاَلَةِ إِلَى الْهُدَى، فَاسْتَجَابَ
مَنِ اسْتَجَابَ، فَحَيَّ مِنَ الْحَقِّ مَا كَانَ مَيِّتاً، وَمَاتَ مِنَ
الْبَاطِلِ مَا كَانَ حَيًّاً، ثُمَّ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ فَكَانَتِ
الْخِلاَفَةُ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ)([64]).
دراسة الرواية السادسة:
هذه الرواية في سندها بكار بن عبد العزيز، وهو ضعيف([65])، وهي رواية مختصرة، و زاد فيها: (فكانت
الخلافة على منهاج النبوة).
الطريق السابعة:
عن أبي البخْتري،
قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ t: (كَانَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ r
يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ. قِيلَ: لِمَ
فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَنِ اتَّقَى الشَّرَّ وَقَعَ فِى الْخَيْرِ)([66]).
دراسة الرواية:
هذه الرواية في سندها عطاء بن السائب، صدوق اختلط([67])، وأبو البختري هو سعيد بن فيروز،
وروايته عن حذيفة مرسلة([68])، ثم هي رواية مختصرة جداً.
الطريق الثامنة:
عن قَيْسِ بن أبي حازم، عَنْ حُذَيْفَةَ t قَالَ: (تَعَلَّمَ أَصْحَابِى الْخَيْرَ وَتَعَلَّمْتُ الشَّرَّ)([69]).
خلاصة الدراسة النقدية لهذه الروايات:
1-أصح الروايات رواية البخاري ومسلم من طريق أبي إدريس
الخولاني، وأمّا باقي الروايات فلم تسلم من علل، ويفاد منها حيث وافقت الرواية
الصحيحة.
2-رواية أبي سلاّم منقطعة، وفي بعض ألفاظها مخالفة و
زيادات لم ترد في الرواية السابقة.
3-رواية اليشكري، مدارها عليه، وهو مجهول، ومختلف في
اسمه، واختلف عليه في بعض الألفاظ، وفي بعض ألفاظه مخالفات لرواية أبي إدريس.
4-رواية عبدالرحمن بن قرط، مدارها عليه، وهو مجهول،
وروايته مختصرة من رواية اليشكري.
5-الرواية الخامسة من طريق السفر بن نسير، وهو ضعيف،
وفيها بعض المخالفة، مع كونها مختصرة.
6-أمّا رواية أبي الطفيل؛ ففي سندها بكار بن عبد العزيز،
ضعيف، وفيها اختصار ومخالفة.
7-وأمّا رواية أبي البختري؛ففي سندها عطاء بن السائب؛
صدوق اختلط، وهي رواية مرسلة،
8- وأخيراً رواية قيس بن أبي حازم؛ فصحيحة، إلا أنها
مختصرة جداً.
الحديث الثاني: (تكون
النبوة فيكم):
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ t([70]) قَالَ: كُنَّا قُعُوداً فِى
الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلاً يَكُفُّ حَدِيثَهُ فَجَاءَ أَبُو
ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ t فَقَالَ يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ
حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي الأُمَرَاءِ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ t : أَنَا
أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ. فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ t؛ فَقَالَ
حُذَيْفَةُ t : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : « تَكُونُ
النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا
شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ؛
فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ
يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضًّا([71])؛ فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ
أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ
مُلْكاً جَبْرِيَّةً؛ فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا
إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ
». ثُمَّ سَكَتَ قَالَ حَبِيبٌ فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِى صَحَابَتِهِ فَكَتَبْتُ
إِلَيْهِ بِهِ إَذَا الْحَدِيثِ أُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّى
أَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِى عُمَرَ بَعْدَ الْمُلْكِ
الْعَاضِّ وَالْجَبْرِيَّةِ فَأُدْخِلَ كِتَابِى عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ فَسُرَّ بِهِ وَأَعْجَبَهُ([72]).
دراسة الحديث:
حديث متصل الإسناد، وجميع رواته ثقات، باستثناء حبيب بن
سالم مولى النعمان بن بشير، وهو مختلف فيه:
قال البخاري: فيه نظر([73]). وقال أبو داود([74])، وأبو حاتم([75]): ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات([76])، وقال ابن عدي([77]): ليس في متون أحاديثه حديث منكر،
بل قد اضطرب في أسانيد ما روي عنه.
وقد روى له الجماعة، إلا البخاري([78])، وقال ابن حجر([79]): لا بأس به، مما يرجح قبول حديثه
فيما لا نكارة فيه، والله أعلم.
مسيرة
الأمة الإسلامية على ضوء حديثي حذيفة
بعد هذه الدراسة لحديثي حذيفة t (كان الناس...) (وتكون النبوة...) نحاول استخلاص مسيرة الأمة الإسلامية
والمراحل التي تمر بها، وفق الآتي([80]):
المرحلة الأولى: مرحلة الخير المطلق:
وهي مرحلة النبوة، حيث قال حذيفة t في حديثه الأول: (كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير)، وقد
اتفقت الروايات على وصف هذه المرحلة: (بالخير).
ونجد في حديث حذيفة t الثاني عن رسول الله r ما يقابل
ذلك في قوله r: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون).
ولا نجد في حديث حذيفة الأول كلاماً عن الخلافة الراشدة
لكننا نجد في حديثه الثاني قوله r: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، مما يشير إلى أن مرحلة
الخلافة الراشدة قبل الفتنة ملحقة بمرحلة الخير المطلق.
المرحلة الثانية: مرحلة شر عابر غير مستقر:
إذ قال حذيفة t: (فهل بعد
هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن)،
فيلاحظ هنا أنه ذكر بين الخير الأول المطلق والخير الثاني؛ الذي فيه دخن؛ مرحلة
وصفها بأنه فيها شر لكنه يلاحظ أنه مرّ بها حذيفة سريعاً ولم يسأل عن وصفها، وكذا
لم يقف عندها النبي r مما يدل أنها مرحلة عابرة غير مستقرة في الأمة ولا هي صفة لازمة
للمجتمع؛ مما يجعلنا نرجح أن المقصود بها ما حصل من فتنة؛ بدأً من استشهاد عثمان
إلى أن استقرت الأمة الإسلامية عام الجماعة ببيعتها لمعاوية رضي الله عنهم جميعاً
سنة أربعين للهجرة([81])، ولا يخفى أن هذا الشر العابر ليس
متعلقاً بالصحابة من حيث هم، إنما بسبب من أدار الفتنة وحركها، ومن هنا نلاحظ أنه
لم يأتِ لها ذكر في حديث حذيفة الثاني، بل قال r: (ثم تكون
خلافة على منهاج النبوة) من غير تفصيل، لكن في رواية اليشكري (وسندها ضعيف، كما
مر): (قلت: فما العصمة يا رسول الله؟ قال: السيف) فهذه العبارة جاءت في رواية
اليشكري في سياق ذكر مرحلة الشر العابر هذا، ولعل المراد أنه يقع اقتتال، فمن كفّ
سيفه عصم نفسه، أو من نصر الحق بسيفه فقد عُصم، أو من اشتغل بجهاد أعداء الله
الخارجيين؛ عُصم (مع كون السند ضعيفاً كما ذكرت).
وفي رواية حميد عن نصر الليثي عن اليشكري قال: (يا حذيفة:
تعلم كتاب الله واتبع ما فيه) كررها ثلاث مرات، ووكذا جاء في رواية عبد الرحمن بن
قرط، وهو مجهول، لكن يستأنس بروايته، وفي قوله هذا (تعلم كتاب الله) كأنه إشارة
إلى أن هذا الشر العابر يمضي وينقضي طالما التزمنا بالعلم المستمد من كتاب الله،
أو من واجب المؤمن حال وجود الفتنة التي لا يتبين وجهها أن ينشغل بكتاب الله
والعلم، وكذا جاء في رواية عبد الرحمن بن قرط في وصف مرحلة الشر العابر (فتنة
واختلاف).
أما ما جاء في رواية السفر بن نسير في وصف مرحلة الشر
فهو حديث عن الشر المتأخر لكن الرواية جاءت مختصرة فأوهمت (وهي ضعيفة سنداً كما
مر).
المرحلة الثالثة: مرحلة الخير الذي فيه دخن:
اتفقت معظم
الروايات على ذكر هذه المرحلة مع تنوع في توصيف الدخن:
1-
ففي أكثر الطرق عن أبي إدريس الخولاني:
أ-
قال: قوم
يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر.
ب-
وفي بعضها:
قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي.
2-
أما
رواية أبي سلام فقد مر بهذه المرحلة دون توصيف.
3-
وجاء
توصيف هذه المرحلة في رواية اليشكري من طريق حميد عن نصر عنه: (هدنة على دخن
وجماعة على أقذاء، قلت: الهدنة على دخن ما هي؟ قال: لا ترجع قلوب أقوام على الذي
كانت عليه).
4-
ووصفت في
رواية ابن قرط: (هدنة على دخن، وجماعة على قذى).
وإذا تأملنا في كل هذه الأوصاف فهي مما يؤيد بعضه بعضاً،
وخلاصتها:
1-
يهدون بغير هدي النبي.
2-
يستنون
بغير سنته.
3-
تعرف
وتنكر.
4-
هدنة على
دخن؛ أي غير خالصة، وقد فسرت في رواية حميد: لا ترجع قلوب أقوام على ما كانت عليه.
5-
جماعة
على أقذاء. (وقد سبق تفسير الدخن والقذى، وأنه الاختلاف وعدم صفاء القلوب).
فإذا تأملنا في كل ما مضى وجدنا أن كل هذا يقابله في
حديث حذيفة الثاني قوله: (ثم تكون ملكاً عاضاً).
ولو عدنا إلى التاريخ لوجدنا مظاهر ذلك في ظهور البدع
والفرق وتمزق أقطار الأمة الإسلامية وما حدث بين ملوكها وأمرائها من اقتتال؛ لكنه
مع ذلك بقيت الأمة الإسلامية قائمة بهذ الدين، مع اختلاف قوة ذلك من مرحلة إلى
أخرى، فيشمل هذا الوصف كلاً من الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية.
المرحلة الرابعة: مرحلة الشر الغالب:
وهذه التي وصفت في رواية أبي إدريس ( قُلْتُ: فَهَلْ
بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: « نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ
جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا؛ فَقَالَ: « هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ
بِأَلْسِنَتِنَا ») وهي التي جاء ذكرها في رواية أبي سلام: ( يكون بعدي أئمة لا
يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان
إنس ) مع الإشارة أن رواية أبي سلام قد جعلت وصف مرحلة الخير الذي فيه دخن والشر
الأخير متداخلاً، وجاء في رواية قتادة عن نصر عن اليشكري: (ثم تنشأ دعاة الضلالة)،
وفي رواية حميد عن نصر عن اليشكري: « فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ عَلَيْهَا
دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَنْ تَمُوتَ يَا حُذَيْفَةُ وَأَنْتَ
عَاضٌّ عَلَى جِذْلٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَداً مِنْهُمْ ». وجاء في
رواية ابن قرط: (فتن على أبوابها دعاة إلى النار)، وكذا جاء في رواية السفر بن
نسير: ( فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً
تَأْتِيكُمْ مُشْتَبِهَةً كَوُجُوهِ الْبَقَرِ لاَ تَدْرُونَ أَيًّا مِنْ أَىٍّ )
فالملاحظ في كل هذه الروايات اتفاقها على ذكر دعاة الضلالة أو دعاة على أبواب جهنم
أو فتن كقطع الليل المظلم، ولعل من تأمل في أواخر الخلافة العثمانية، وما نشأ فيها
من أحزاب علمانية وليبرالية وقومية، وما تعرضت له الأمة الإسلامية من استعمار
أجنبي وغزو ثقافي وفكري؛ يجد مصداق هذا الحديث، ولذلك وصفهم النبي: (هم من جلدتنا
ويتكلمون بألسنتنا)، ولعل هذا كله يقابله في حديث حذيفة الثاني: (ثم تكون ملكاً
جبرياً) فحديثه الأول أشار إلى الجانب العقدي والفكري والأخلاقي لهذه المرحلة
بينما حديثه الثاني أشار إلى الجانب السياسي (ملكاً جبرياً) وقد وجد في هذه
المرحلة الاستعمار الخارجي والانقلابات العسكرية الداخلية، فضلاً عن الأحزاب
المضللة.
سقوط الخلافة:
ويلاحظ من صفات
هذه المرحلة الرئيسية سقوط الخلافة؛ إذ جاء في حديث أبي إدريس الخولاني عن حذيفة t: (قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ؟ قَالَ: «
تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا،
وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ
عَلَى ذَلِكَ) وكذا في رواية حميد عن نصر عن اليشكري: (« فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ
صَمَّاءُ عَلَيْهَا دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَنْ تَمُوتَ يَا
حُذَيْفَةُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَداً
مِنْهُمْ).
المرحلة الخامسة: مرحلة الخلافة الراشدة:
جاء النص عليها صريحاً في حديث حذيفة الثاني، أما حديثه
الأول فلم يشر إليها صراحة، لكن جاءت عبارات تدل على إمكان وجود ذلك كقوله في
رواية أبي إدريس الخولاني: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم).
المرحلة السادسة: ظهور الدجال:
وهذه تفرد بذكرها في هذا السياق بعض الرواة عن قتادة عن
نصر بن عاصم عن اليشكري وقد مر معنا أن اليشكري مجهول، إلا أن ذكر الدجال ورد في
أحاديث أخر كثيرة.
فإذا أردنا أن نعيد صياغة المراحل وفق حديث حذيفة الثاني
فهي كالآتي مقارنة بحديثه الأول:
1-
مرحلة النبوة، ويقابلها في حديثه الأول الخير
المطلق.
2-
مرحلة
الخلافة الراشدة، وهي في أولها تبع للمرحلة السابقة، وفي آخرها تبع للمرحلة
الثانية (شر عابر).
3-
مرحلة
الملك العاض (فيه ظلم) وهي تقابل مرحلة الخير الذي فيه دخن، وفيه أقوام يهدون بغير
هدي النبي، وجماعة على أقذاء أو أذى.
4-
مرحلة
الملك الجبري، (مرحلة الاستعمار و سيطرة أحزاب الضلالة) وهي في حديث حذيفة الأول
مرحلة دعاة الضلالة على أبواب جهنم وسقوط الخلافة. ولكن أشار الحديث الأول إلى
الجانب الفكري، وأشار الثاني إلى الجانب السياسي.
5-
مرحلة
الخلافة الراشدة، لم يتحدث عنها حديث حذيفة الأول صراحة.
وتقدم لنا روايات حذيفة منهجاً للتعامل مع الفتن؛ سأوجزه
نهاية البحث؛ إن شاء الله.
المطلب
الخامس:
في
ما صح عن حذيفة t فيما يكون بين يدي الساعة([82])
1-
حديث رفع
الأمانة: (عن الأَعْمَش عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ t قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ r حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا
وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا « أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِى جَذْرِ
قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ
السُّنَّةِ ». وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: « يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ
فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ
الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ
الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا،
وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ
يُؤَدِّى الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ إِنَّ فِى بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ. وَمَا
فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ »، وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ
زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ
الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا
الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا)([83]).
2- عَنْ حُذَيْفَةَ
t عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «
إِنَّهَا سَتَكُونُ أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ فَمَنْ صَدَّقَهُمْ
بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنَّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ
وَلاَ يَرِدُ عَلَىَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ
يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَىَّ
الْحَوْضَ)([84]).
3-
عن حُذَيْفَةَ
بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: « يَدْرُسُ الإِسْلاَمُ كَمَا
يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لاَ يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلاَ صَلاَةٌ وَلاَ
نُسُكٌ وَلاَ صَدَقَةٌ، وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِى
لَيْلَةٍ فَلاَ يَبْقَى فِى الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ
النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا
عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا »
فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ وَهُمْ لاَ
يَدْرُونَ مَا صَلاَةٌ وَلاَ صِيَامٌ وَلاَ نُسُكٌ وَلاَ صَدَقَةٌ، فَأَعْرَضَ
عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلاَثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ
عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ: يَا صِلَةُ؛
تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ، ثَلاَثًا)([85]).
4-
عن ابن شهاب
أن أبا إدريس الخولاني كان يقول: قال حذيفة بن اليمان t: (والله إني لأعلم الناس بكل فتنة
هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي إلا أن يكون رسول الله r أسر إلي في ذلك شيئاً لم يحدثه
غيري، ولكن رسول الله r قال وهو يحدث مجلساَ أنا فيه عن
الفتن، ويعدهن: منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئاً، ومنهن فتن كرياح الصيف، منها صغار
ومنها كبار، قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري)([86]).
5-
(عن عبد
الله وهو ابن عبد الرحمن الأنصاري الأشهلي عن حذيفة بن اليمان t قال: قال رسول الله r : لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد
الناس بالدنيا لكع ابن لكع)([87]).
6-
(عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ قَالَ سَمِعْتُ
أَبِى يَذْكُرُ عَنْ حُذَيْفَةَ t قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ r عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ «
عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ وَلَكِنْ
أُخْبِرُكُمْ بِمَشَارِيطِهَا وَمَا يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهَا إِنَّ بَيْنَ
يَدَيْهَا فِتْنَةً وَهَرْجاً ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْفِتْنَةُ قَدْ
عَرَفْنَاهَا؛ فَالْهَرْجُ مَا هُوَ؟ قَالَ: « بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ:
الْقَتْلُ، وَيُلْقَى بَيْنَ النَّاسِ التَّنَاكُرُ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ أَنْ
يَعْرِفَ أَحَداً »)([88]).
7-
عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ t، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ t: «يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ
لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِرْهَمٌ وَلَا قَفِيزٌ، يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ
الْعَجَمُ، وَيُوشِكُ أَهْلُ الشَّامِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا
مُدٌّ، يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الرُّومُ»([89]).
المطلب
السادس:
منهج
التعامل مع الفتن على ضوء مرويات حذيفة t
تقدم لنا أحاديث حذيفة منهجاً في التعامل مع
الفتن بأنواعها؛ وأخطرها عندما لا يتبين الحق والصواب:
أولاً: ففي الحديث الأول نلحظ ما يأتي:
1-
لزوم جماعة
المسلمين وإمامهم إن وجد (حديث أبي إدريس الخولاني).
2-
اعتزال فرق
الضلالة، وهنا لا بد من البيان أن العزلة إنما تكون لتلك الفرق الضالة، ولا يدل
الحديث بحال على الاعتزال الملطق.
3-
الحرص على
تعلم كتاب الله واتباع ما فيه كما قال في رواية حميد عن نصر: (تعلم كتاب الله
واتبع ما فيه).
4-
الحرص على
الهدي النبوي وهذا يفهم من قوله: (يهدون بغير هدي) فالواجب إذاً اتباع الهدي
النبوي مما صح عنه r.
5-
الأخذ بما
هو معروف معلوم عند أهل الأمة، وترك ما يستنكر، وهذا يؤخذ من قوله في وصف الدخن:
(تعرف منهم وتنكر).
6-
الانشغال
بالجهاد لأعداء الأمة وكف السيف عن الأمة، وهذا يؤخذ من قوله: (قلت: ما العصمة؟
قال: السيف).
ويمكن أن يفهم من قوله: ((السيف)): أن
يكف المسلم سلاحه وقت الفتنة التي لا يتبين فيها وجه الحق. وطالما التزمنا هذا
المنهج فإنه يقودنا إلى الخلافة الراشدة إن شاء الله.
ثانياً: وإذا نحن تأملنا حديث رفع الأمانة نجد فيه إشارة واضحة
إلى أن ما يعصم الإنسان في حياته من الانحراف: تعميق الإيمان والحفاظ على الفطرة
السليمة، والوفاء بعهد الله، والقيام بالتكاليف؛ إذ ذاك كله من معاني الأمانة، ثم
مفتاح ذلك كله: صحة العلم بالكتاب والسنة؛ لقوله وهو يحدث عن الأمانة: (ثم علموا
من القرآن وعلموا من السنة)، ثم في ذكر السنة إشارة إلى صحة الاقتداء وصحة العمل،
وتضمن الحديث بشارة أن رفع الأمانة لا يكون مرة واحدة بل متدرجاً؛ يفهم هذا من
قوله: فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم...مثل المجل...
ثالثاً: وإذا تأملنا في حديث (تعرض الفتن على القلوب...) نلحظ
أنه طالما أنكر المسلم المنكر، وسعى لتجديد التوبة، والتطهر من الذنوب؛ فإنه يحفظ
قلبه، وهذا سبب حفظه من الفتن بأنواعها.
رابعاً: وفي الحديث الذي يذكر الولاة الظلمة؛ نجد تحذيراً
للمسلم أن يكون عوناً لهم أو أن يصدقهم في كذبهم، ولا شك أنه طالما أنكر المسلمون
المنكر ونصروا الحق فذلك مما يمنع الفتن، أو يقي شرها.
خامساً: وفي الحديث الذي يتحدث عن اندراس الإسلام؛ إشارة إلى
أثر صحة الاعتقاد والتمسك بشهادة التوحيد في حفظ الإنسان، لكننا أحوج ما نكون إلى
حسن الفهم لشهادة التوحيد.
سادساً: وفي الحديث الذي ذكر أنه لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد
الناس لكع بن لكع؛ توجيه للمسلم إلى الصبر وعدم التأثر بالمغريات، ولا الانخداع
بما يرى عليه أهل الدنيا.
سابعاً: وفي الحديث الذي يشير أنه يوشك أن لا يجبى لأهل العراق
أو الشام قفيز ولا دينار؛ إشارة أن أخطر الفتن التي يكون مصدرها الروم أو العجم،
وأخطر الوسائل للتأثير على الأمة؛ الحصار الإقتصادي.
ثامناً: في ضوء ما أشارت إليه النصوص من لزوم جماعة المسلمين
وإمامهم؛ على طريق معالجة الفتن؛ فإنه لابد من بيان شروط ذلك، وخلاصتها:
1-
أن طاعة ولي
الأمر مقيّدة بالتزامه بطاعة الله ورسوله.
2-
أن يكون من
الأمة المؤمنة وولاؤه لها.
3-
أن يكون
الأمر شورى لا استبداداً.
4-
أن يكون للأمة مرجعيتها
العليا عند الاختلاف والتنازع، وذلك بالرجوع إلى الكتاب والسنة.
يستفاد كل ذلك من قوله تعالى: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي
شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 59].
فقوله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي
الأمر ) يلاحظ فيها أنه لم يكررفيها ذكر الطاعة عند ذكر أولياء الأمور؛ مما دل على
أنها مستمدة من طاعة الله ورسوله، وقوله: (منكم) دل على أن من شرطه أن يكون من
الأمة وولاؤه لها، وقوله: (أولي الأمر) وقد اتى بها بصيغة الجمع دل على أن تكون
شورى لا استبداداً، ثم قوله: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول..) دلت
على أنه لا بد أن تكون المرجعية العليا الكتاب والسنة، وأن تصدر الأمة عن الكتاب
والسنة، في كل أمرها، ولا سيما في حال التنازع.
ملحق:
بالأحاديث
الضعيفة الواردة عن حذيفة في كتاب الفتن لأبي نعيم
ثمة أحاديث
لم تصح رويت عن حذيفة t في الفتن؛ بلغت أربعة وعشرين حديثاً، أذكرها هنا ليكون القارئ على
معرفة بها، ونظراً لكونها ضعيفة أو منكرة، ولئلا يطول البحث؛ فسأكتفي بإيراد
الحديث ورقمه كما في كتاب الفتن، وفق النسخة التي في المكتبة الشاملة([90])، وما ليس في الفتن لنعيم أبين
مصدره:
4 – (حُذَيْفَة بْن الْيَمَانِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «تَكُونُ
فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، تَأْتِيكُمْ
مُشْتَبِهَةً كَوجُوهِ الْبَقَرِ، لَا تَدْرُونَ أَيُّهَا مِنْ أَيٍّ»)([91]).
17 – (قَتَادَةُ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ t: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ:
«لَيَخْرُجَنَّ مِنْ أُمَّتِي ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ مَعَهُمْ ثَلَاثُمِائَةِ
رَايَةٍ، يُعْرَفُونَ وَتُعْرَفُ قَبَائِلُهُمْ، يَبْتَغُونَ وَجْهَ اللَّهِ،
يُقْتَلُونَ عَلَى الضَّلَالَةِ»).
35 – (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : «لَنْ تَفْنَى أُمَّتِي حَتَّى يَظْهَرَ فِيهِمُ التَّمَايُزُ
وَالتَّمَايُلُ وَالْمَعَامِعُ» قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ
وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا التَّمَايُزُ؟ قَالَ: «عَصَبِيَّةٌ
يُحْدِثُهَا النَّاسُ بَعْدِي فِي الْإِسْلَامِ» قُلْتُ: فَمَا التَّمَايُلُ؟
قَالَ: «يَمِيلُ الْقَبِيلُ عَلَى الْقَبِيلِ فَيَسْتَحِلُّ حُرْمَتَهَا ظُلْمًا»
قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْمَعَامِعُ؟ قَالَ: «مَسِيرُ الْأَمْصَارِ بَعْضُهَا إِلَى
بَعْضٍ، فَتَخْتَلِفُ أَعْنَاقُهَا فِي الْحَرْبِ هَكَذَا» وَشَبَّكَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ «وَذَلِكَ إِذَا
فَسَدَتِ الْعَامَّةُ»، يَعْنِي الْوُلَاةَ، «وَصَلُحَتِ الْخَاصَّةُ، طُوبَى
لِامْرِئٍ أَصْلَحَ اللَّهُ خَاصَّتَهُ»)([92]).
70- (عن عَبْد الْعَزِيزِ بْن
مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىُّ الأَشْهَلِىُّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ
حَتَّى تَقْتُلُوا إِمَامَكُمْ وَتَجْتَلِدُوا بِأَسْيَافِكُمْ وَيَرِثَ
دُنْيَاكُمْ شِرَارُكُمْ »)([93]).
79- (حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ
أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَشْيَاخٍ لِبَنِي عَبْسٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «تَكُونُ
فِتْنَةٌ، ثُمَّ تَكُونُ جَمَاعَةٌ ثُمَّ فِتْنَةٌ وَتَوْبَةٌ، ثُمَّ جَمَاعَةٌ
وَتَوْبَةٌ، حَتَّى ذَكَرَ الرَّابِعَةَ، ثُمَّ لَا تَكُونُ تَوْبَةٌ وَلَا
جَمَاعَةٌ»).
92- (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ،
قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، يَقُولُ: «الْفِتَنُ ثَلَاثٌ، تَسُوقُهُمُ
الرَّابِعَةُ إِلَى الدَّجَّالِ الَّتِي تَرْمِي بِالرَّضْفِ، وَالَّتِي تَرْمِي
بَالنَّشَفِ، وَالسَّوْدَاءُ الْمُظْلِمَةُ، وَالَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ»).
162- (قَالَ سُفْيَانُ، وَأَنَا الْحَارِثُ بْنُ
حَصِيرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «وَقَفَاتُهَا إِذَا
أُغْمِدَ السَّيْفُ، وَبَعَثَاتُهَا إِذَا سُلَّ السَّيْفُ»).
229- (حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ،
عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «يَكُونُ بَعْدَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اثْنَا
عَشَرَ مَلِكًا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ»، قِيلَ لَهُ: خُلَفَاءُ؟ قَالَ: «بَلْ
مُلُوكٌ»).
234- (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ،
عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ
بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ بَدَأَ نُبُوَّةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً
وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا عَضُوضًا، يَشْرَبُونَ الْخُمُورَ،
وَيَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ، وَيَسْتَحِلُّونَ الْفُرُوجَ، وَيُنْصَرُونَ
وَيُرْزَقُونَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ»)([94]).
568- (عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ
الْمُنْذِرِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ t فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ حم عسق ﴾ [الشورى:
2] ؟ فَأَطْرَقَ سَاعَةً وَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ كَرَّرَهَا فَلَمْ يُجِبْهُ
بِشَيْءٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «أَنَا أُنَبِّئُكُ، قَدْ عَرَفْتُ لِمَ كَرِهَهَا،
إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ
الْإِلَهِ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ، يَنْزِلُ عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ
الْمَشْرِقِ يَبْنِي عَلَيْهِ مَدِينَتَيْنِ، يَشُقُّ النَّهَرَ بَيْنَهُمَا
شَقًّا، جَمَعَ فِيهَا كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ» قَالَ أَرْطَاةُ: إِذَا بُنِيَتْ
مَدِينَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، ثُمَّ أَتَتْكُمُ الْفَوَاصِلُ
وَالْقَوَاصِمُ، وَانْفَرَجْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ كَمَا تَنْفَرِجُ الْمَرْأَةُ
عَنْ قُبُلِهَا حَتَّى لَا تَمْتَنِعُوا عَنْ ذُلٍّ يَنْزِلُ بِكُمْ، وَإِذَا
بُنِيَتْ مَدِينَةٌ بَيْنَ النَّهَرَيْنِ بِأَرْضٍ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ أَرْضِ
الْعِرَاقِ أَتَتْكُمُ الدُّهَيْمَاءُ).
580- (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ يَدْعُو إِلَى
آلِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُمْ، يَنْصِبُ عَلَامَاتٍ سُودًا،
أَوَّلُهَا نَصْرٌ، وَآخِرُهَا كُفْرٌ، يَتْبَعُهُ خُشَارَةُ الْعَرَبِ،
وَسَفِلَةُ الْمَوَالِي، وَالْعَبِيدُ الْأُبَّاقُ، وَمُرَّاقُ الْآفَاقِ،
سِيمَاهُمُ السَّوَادُ، وَدِينُهُمُ الشِّرْكُ، وَأَكْثَرُهُمُ الْجُدْعُ»، قُلْتُ:
وَمَا الْجُدْعُ؟ قَالَ: «الْقُلْفُ»، ثُمَّ قَالَ حُذَيْفَةُ لِابْنِ عُمَرَ:
«وَلَسْتَ مُدْرِكَهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟» فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
وَلَكِنْ أُحَدِّثُ بِهِ مَنْ بَعْدِي، قَالَ: «فِتْنَةٌ تُدْعَى الْحَالِقَةُ،
تَحْلِقُ الدِّينَ، يَهْلِكُ فِيهَا صَرِيحُ الْعَرَبِ، وَصَالِحُ الْمَوَالِي،
وَأَصْحَابُ الْكُنُوزِ، وَالْفُقَهَاءُ، وَتَنْجَلِي عَنْ أَقَلَّ مِنَ
الْقَلِيلِ»).
617- (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ أَوَّلَ التُّرْكِ بِالْجَزِيرَةِ
فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى تَهْزِمُوهُمْ أَوْ يَكْفِيَكُمُ اللَّهُ مَوْتَهُمْ،
فَإِنَّهُمْ يَفْضَحُوا الْحَرَمَ بِهَا، فَهُوَ عَلَامَةُ خُرُوجِ أَهْلِ
الْمَغْرِبِ، وَانْتِقَاضِ مُلْكِ مَلِكِهِمْ يَوْمَئِذٍ»).
692- (حَدَّثَنَا تَوْبَةُ بْنُ عُلْوَانَ، عَنْ سِمَاكِ
بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ
الْيَمَانِ t قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقُومَ عَلَى النَّاسِ
مَنْ لَا يَزِنُ قَرْن شَعِيرَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»).
739- (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ t أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ: « إِذَا أَتَاكُمْ
كِتَابٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يُقْرَأُ عَلَيْكُمْ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ، فَانْتَظِرُوا كِتَابًا آخَرَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْمَغْرِبِ
يُقْرَأُ عَلَيْكُمْ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ، وَالَّذِي نَفْسُ حُذَيْفَةَ بِيَدِهِ لَتَقْتَتِلُنَّ أَنْتُمْ
وَهُمْ عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ، وَلَيُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَأَرْضِ
الشَّامِ كَفْرًا كَفْرًا، وَلَتُبَاعَنَّ الْمَرْأَةُ الْعَرَبِيَّةُ عَلَى
دَرَجِ دِمَشْقَ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا »).
847- (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
حُذَيْفَةَ t قَالَ: « إِذَا دَخَلَ السُّفْيَانِيُّ أَرْضَ مِصْرَ قَامَ
فِيهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، يَقْتُلُ وَيَسْبِي أَهْلَهَا، فَيَوْمَئِذٍ تَقُومُ
النَّائِحَاتُ، بَاكِيَةٌ تَبْكِي عَلَى اسْتِحْلَالِ فُرُوجِهَا، وَبَاكِيَةٌ
تَبْكِي عَلَى قَتْلِ أَوْلَادِهَا، وَبَاكِيَةٌ تَبْكِي عَلَى ذُلِّهَا بَعْدَ
عِزِّهَا، وَبَاكِيَةٌ تَبْكِي شَوْقًا إِلَى قُبُورِهَا »).
وجميع
أحاديث السفياني لا تصح.
1169- (حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ،
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ:
سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ t يَقُولُ لِعَمْرِو بْنِ صُلَيْعٍ [ص:389]، وَعَمْرُو بْنُ
صُلَيْعٍ يَقُولُ لَهُ: حَدِّثْنَا فَقَالَ، حُذَيْفَةُ: « إِنَّ قَيْسًا لَا
تَنْفَكُّ تَبْغِي دِينَ اللَّهِ شَرًّا حَتَّى يَرْكَبَهَا اللَّهُ بِجُنُودِهِ،
فَلَا يَمْنَعُونَ ذَنَبَ - بَطْنَ – تَلْعَةٍ »، ثُمَّ قَالَ لِعَمْرٍو: « يَا
أَخَا مُحَارِبٍ، إِذَا رَأَيْتَ قَيْسًا تَوَالَتْ بِالشَّامِ فَخُذْ حِذْرَكَ »).
1226- (حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ
أَبِي رَاشِدٍ، سَمِعَ أَبَا الطُّفَيْلِ، سَمِعَ حُذَيْفَةَ t يَقُولُ: «لَا تَزَالُ ظَلَمَةُ مُضَرَ يَفْتِنُونَ كُلَّ عَبْدٍ
لِلَّهِ صَالِحٍ وَيَقْتُلُونَهُ، حَتَّى يَضْرِبَهُمُ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ بِمَنْ عِنْدَهُ، فَلَا يَمْنَعُهُمْ ذَنَبَ تَلْعة»، فَقَالَ
لَهُ عَمْرُو بْنُ صُلَيْعٍ: مَا لَكَ هَّمٌّ إِلَّا مُضَرُ، وَمَا لَكَ ذِكْرٌ
غَيْرُهُمْ؟ فَقَالَ: «أَمِنْ مُحَارِبٍ أَنْتَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
«أَرَأَيْتَ مُحَارِبَ خَصَفَةَ، أَمْ مِنْ قَيْسٍ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «إِذَا
رَأَيْتَ قَيْسًا تَوَالَتِ الشَّامَ فَخُذْ حِذْرَكَ»). ونحوه 1230 في الفتن
لنعيم.
1426- (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : « يَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ الرُّومِ هُدْنَةٌ
فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ فِي حَمْلِ امْرَأَةٍ، يَأْتُونَ فِي ثَمَانِينَ غَايَةٍ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، حَتَّى
يَنْزِلُوا بَيْنَ يَافَا وَعَكَّا، فَيَحْرِقُ صَاحِبُ مَمْلَكَتِهِمْ
سُفُنَهُمْ، يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: قَاتِلُوا عَنْ بِلَادِكُمْ، فَيَلْتَحِمُ
الْقِتَالُ، وَيَمُدُّ الْأَجْنَادُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَمُدَّكُمْ مَنْ
بِحَضْرَمَوْتَ مِنَ الْيَمَنِ، فَيَوْمَئِذٍ يَطْعُنُ فِيهِمُ الرَّحْمَنُ
بِرُمْحِهِ، وَيُضْرَبُ فِيهِمْ بِسَيْفِهِ، وَيَرْمِي فِيهِمْ بِنَبْلِهِ،
وَيَكُونُ مِنْهُ فِيهِمُ الذَّبْحُ الْأَعْظَمُ »).
1471- (حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ ثَنَا رِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ
لَهِيعَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُسْتَيْفِعِ
الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ
الْيَمَانِ t، قَالَ: «تَكُونُ غَزْوَةٌ فِي الْبَحْرِ، مَنْ غَزَاهَا
اسْتَغْنَى فَلَمْ يَفْتَقِرْ أَبَدًا، وَمَنْ لَمْ يَغْزُهَا لَمْ يَثْرِ مَالُهُ
بَعْدَهَا إِلَّا مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَسْتَصْعِبُ الْبَحْرُ بَعْدَ
الْغَزْوِ سِتَّ سِنِينَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ الْبَحْرُ بَعْدَ سِتِّ
سِنِينَ كَمَا كَانَ سِتٌّ سِنِينَ، ثُمَّ يَسْتَصْعِبُ سِتًّا، فَذَلِكَ ثَمَانِ
عَشْرَةَ، ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ»).
1916- (حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ،
عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْكَلَاعِيِّ، عَنْ بُسْرٍ، عَنْ
حُذَيْفَةَ t قَالَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ: «لَيُخْرِجَنَّكُمْ مِنْهَا قَوْمٌ
صِغَارُ الْأَعْيُنِ، فُطْسُ الْأَنْفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ،
يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ، يَرْبُطُونَ خُيُولَهُمْ بِنَخْلِ جُوخَا، وَيَشْرَبُونَ
مِنْ فُرَضِ الْفُرَاتِ»).
1966- (حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: « فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَسِتِّينَ الْغَلَاءُ، وَثَمَانٍ وَسِتِّينَ الْمَوْتُ، وَفِي تِسْعٍ وَسِتِّينَ
اخْتِلَافٌ، وَفِي سَبْعِينَ وَمِائَةٍ يَسْلِبُونَ، ثُمَّ يُرْتَاحُ بَعْدَ
السَّبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِي، حَتَّى يَضْعُفَ الْعَطَاءُ، وَتَضْعُفُ
الثَّمَرَةُ فِي زَمَانِهِ، وَيَرْغَبُ النَّاسُ فِي التِّجَارَةِ، فَقَالَ
حُذَيْفَةُ t: مَا بَالُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:
رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ r »).
1969- (حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،
عَنْ حُذَيْفَةَ t عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «سَنَةُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ خَيْرُ أَوْلَادِكُمُ
الْبَنَاتُ»).
1985- (حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ
بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ t قَالَ: «مَا أُبَالِي بَعْدَ سَنَةِ سَبْعِينَ لَوْ دَحْرَجْتُ
صَخْرَةً مِنْ فَوْقِ الْمَسْجِدِ فَقَتَلْتُ بِهَا عَشَرَةً مِنْكُمْ»).
ومما لم يصح في غير كتاب نعيم:
(عن همام عن حذيفة t أن نبي الله r قال: في أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون منهم أربع نسوة وإني خاتم
النبيين لا نبي بعدي) ([95]).
الخاتمة
بعد هذه الدراسة الموجزة حول مرويات حذيفة في
الفتن والمستقبل؛ لاستشراف معالم مسيرة الأمة الإسلامية؛ فإن الباحث يخلص إلى
النتائج الآتية:
1-
لفتت
الدراسة النظر إلى هدي النبي r في بيان خصائص الرجال، واستكشاف
اهتماماتهم، وحسن الإفادة منها.
2-
لفتت
الدراسة النظر إلى أهمية معرفة المستقبل، وخاصة فيما يتعلق بحسن الفهم، وحسن
العمل، وعدم اليأس، وعدم الانحراف بسبب تلك الفتن، أو الانجراف تحت تأثيراتها
السلبية.
3-
تبين لنا من
خلال الدراسة جملة من مناقب حذيفة رضي الله عنه، ومنها: أنه صاحب سر رسول الله r، والخبير بعلم الفتن والمستقبل، و
وتبين لنا معرفة الصحابة بخصائص حذيفة تلك وإقرارهم له بها، وإفادتهم منه.
4-
ركزت الدراسة
على حديث حذيفة بن اليمان t: (كان الناس يسألون رسول الله عن
الخير ...) وبينت أنه قد ورد عن حذيفة t من ثماني طرق، وأصحها طريق أبي إدريس الخولاني،
أما باقي الطرق فإما أنها معلولة أو مختصرة جداً، وقد حرص الباحث على بيان علل كل
طريق؛ ليتم استخلاص الألفاظ الأصح والأدق لهذا الحديث؛ لنستطيع استكشاف تلك
المراحل الرئيسية التي تمر بها الأمة الإسلامية وفق هذا الحديث.
5-
كما ركزت
الدراسة على حديث: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون...) وقد ورد اختلاف في
بعض رواته ورجحت الدراسة صحة الحديث.
6-
استعرضت
الدراسة في ضوء هذه الأحاديث المراحل الرئيسية الكبرى التي تمر بها الأمة
الإسلامية، وخصائص كل مرحلة ومواصفاتها في ضوء ما صح من هذه الروايات.
7-
أجملت
الدراسة الأحاديث الصحيحة الأخرى التي رواها حذيفة في التفن والمستقبل وعددها
سبعة.
8-
استخلصت
الدراسة منهج التعامل مع الفتن على ضوء مروايات حذيفة، وأهمها:
-
بيان أثر
العلم والجهاد في مواجهة الفتن.
-
بيان أثر
العمل بالسنة والاقتداء بالهدي النبوي في مواجهة الفتن.
-
بيان أثر
التزام الجماعة.
-
بيان أثر
الأخذ بالمعروف والمعلوم عند الأمة وترك ما ينكر.
9-
بينت
الدراسة شروط طاعة أولياء الأمور على طريق معالجة الفتن.
10-
ذكرت
الدراسة ملحقاً بالأحاديث المنسوبة لحذيفة t في الفتن ولم تصح، وعددها أربعة وعشرون حديثاً.
11-
لم تتطرق
الدراسة لأحاديث المهدي والدجال والسفياني لكونها أحداث قائمة بذاتها، وتحتاج إلى
دراسات مستقلة.
وبعد:
فإن وفقت فبفضل الله ورحمته، وإن كانت الأخرى
فأستغفر الله وأتوب إليه، راجياً من أهل العلم التسديد والتوجيه والنصح.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين
الهوامش
([1]) ينظر فضائل أبي يكر t : البخاري،
الصحيح، دار المعرفة، بيروت، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر t رقم 3655، فما
بعد، وفضائل عمر t رقم 3679، فما بعد،
وأخرجه مسلم، الصحيح، دار الفكر، بيروت، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر
t رقم 2381،
وفضائل عمر t، رقم 2389.
([2]) أخرجه ابن ماجه،
السنن، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، رقم: 155. والحديث
صحيح.
([3]) البخاري،كتاب المغازي، باب قصة
أهل نجران 4380، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، رقم 2420.
([4]) أخرجه أحمد،
المسند، مؤسسة الرسالة، تحقيق شعيب الأرناؤوط، 20/253، رقم 12904، وثمة تخريجه
مفصلاً، كما أخرجه الترمذي (3790 و 3791)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه
(154)، وهوحدبث صحيح.
([5]) ينطر البخاري،
الصحيح، كتاب العلم، رقم 118 ومسلم، الصحيح، كتاب الفضائل، رقم 2492.
([6]) البخاري، كتاب
فضائل الصحابة، باب ذكر ابن عباس، رقم3756.
([7]) اينظر: صحيح
مسلم، فضائل الصحابة، باب فضائل أبي ذر، رقم2473.
([8]) ينظر: البخاري،
كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب خالد، رقم 3757 و1246.
(10) جمعه وضبطه: د.:بشار عواد معروف، وآخرون، دار
الجيل، بيروت، الطبعة الأولى،1993، وهو جامع للكتب الستة ومؤلفات أصحابها
الأخرى،والموطأ، ومسند أحمد والحميدي، وعبد ابن حميد، وسنن الدارمي، وصحيح ابن
خزيمة، مرتب على مسانيد الصحابة، ثم على الموضوعات.
(11) نعيم بن حماد المروزي (ت229هـ)، كتاب الفتن، دار
الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1992.
([12]) أبو الفداء، إسماعيل بن عمر بن كثير
الدمشقي (ت: 774هـ)، النهاية في الفتن والملاحم، تحقيق: محمد أحمد عبد العزيز، دار
الجيل، بيروت – لبنان، 1998.
([13]) وأشير هنا أنه
لم يصح في السفياني أي حديث، وينظر: نعيم بن حماد، الفتن، ص 221، فما بعد.
([14])ترجمته في: يوسف بن عبد الرحم، أبو الحجاج، جمال الدين
المزي (ت: 742هـ)، تهذيب الكمال، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة –
بيروت، 1980ج5 ص495. وأبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت: 748هـ) سير أعلام
النبلاء، مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة، ط3، 1985،
3/361، وابن حجر،أحمد بن علي العسقلاني (المتوفى: 852هـ)، الإصابة في تمييز
الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت،
ط1، 2 / 39.
([15]) أي ما أعلمه به النبي صلى الله عليه وسلم من أحوال المنافقين.
ينظر: البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما، رقم (3742)
ومسلم (2779) و المسند 6 / 449، دار صادر، بيروت.
([16]) الذهبي، السير3/362،وابن حجر، الإصابة2/39.
([18]) أخرجه مسلم في صحيحه (1778) في الجهاد: باب الوفاء بالعهد.
(19) السير، 3/362؛ بتصرف يسير.
([20]) البخاري 3742. وقد ورد أنه « مات
رجل من المنافقين فلم يصل عليه حذيفة، فقال له عمر: أمن القوم هو؟ فقال: نعم،
فقال: بالله، فمنهم أنا؟ قَالَ: لاَ، وَلن أُخبر أَحَداً بَعْدَكَ »، أخرجه ابن
أبي شيبة في المصنف رقم (37390) والبزار في مسنده (1288) وأبو بكر بن الخلال في
السنة (1630)، من طريق الأعمش عن زيد بن وهب، ولا يصح هذا الخبر، ففيه عنعنة
الأعمش، وهو مدلس، ويرويه عن زيد بن وهب وهو ليس من شيوخه الذين احتمل تدليسه
عنهم، ينظر: ميزان الاعتدال 2 / 224، ويخالف الأحاديث الكثيرة في إثبات فضائل عمر t، ومنها حديث: (عشرة في الجنة ... ومنهم
عمر t ) أخرجه أبو
داود (4649) والترمذي (3748) من حديث سعيد بن زيد t، وأخرجه الترمذي (3747) من حديث
عبد الرحمن بن عوف t، وقال الألباني: صحيح، (صحيح
الجامع، 3905)، فكيف يترك عمر t ما علمه من رسول
الله r فيشك في نفسه؟ إلا أن يقال: هذا
من باب تغليب الخوف من الله جل جلاله وهضم النفس، ثم لا يمكن لحذيفة أن يكشف
سراً من أسرار رسول الله r، ولكن سند حديث الأعمش فيه علة
كما رأينا.
([21]) البخاري 525،
ومسلم 144.
([23]) أسد الغابة 1/486،
ودينور: مدينة من أهم مدن الجبال قرب قرميسين، بينها وبين همذان نيف وعشرون فرسخاً.
السير3/364.
([24]) ينظر السير3/362-364.
([25]) الكنز 13/346، والسير
3/368.
([27]) ابن حجر، أحمد
بن علي، العسقلاني، (ت852هـ) تقريب التهذيب، دار الرشيد، حلب، تحقيق محمد عوامة،
ط4، 1992، رقم الترجمة1156.
([28]) قال النووي: ((أصل
الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان والاختبار، قال القاضي: ثم صارت في عرف
الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء، قال أبو زيد: فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع
في الفتنة وتحول من حال حسنة إلى سيئة، وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من
فرط محبته لهم وشحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير..)) النووي،أبو زكريا، يحيى
بن شرف، (ت676هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار الفكر، بيروت،2/171
([30]) أخرجه مسلم،
كتاب الفتن، باب إخبار النبي e بما يكون، رقم2891/24، وأحمد،
5/386، دار صادر، بيروت، من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد به.
([31]) أخرجه مسلم،
كتاب الفتن، باب إخبار النبي e فيما يكون إلى قيام الساعة،
2891/22، وأحمد، 5/388، رقم 23339، والحاكم في المستدرك، 4/518. وقوله كرياح
الصيف: أي: فيها بعض الشدة أو دون التي سبقت، لأن رياح الشتاء أشد (النووي على
مسلم).
([32]) أخرجه البخاري،
كتاب القدر، باب وكان أمر الله قدراً مقدورا، 6604، ومسلم، كتاب الفتن، باب إخبار
النبي e فيما يكون إلى قيام الساعة،
2891/23، وهذا لفظه، وأخرجه أحمد، 5/385، و401، وأبو داود،، السنن، بتحقيق عزت
الدعاس، دار الحديث، حمص، ط1، 1973،كتاب الفتن، باب ذكر الفتن، رقم 4240، من طريق
الأعمش عن شقيق به. ومما ورد عن أسامة بن
زيد رضي الله عنهما، قال: أخبرني ابنٌ لِقَبِيصَة بنِ ذُؤَيْب، عن أبيه، قَبِيصَةَ
بْنِ ذُؤَيْبٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ t: (وَاللَّهِ مَا أَدْرِى أَنَسِيَ
أَصْحَابِي أَمْ تَنَاسَوْا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ r مِنْ قَائِدِ فِتْنَةٍ إِلَى أَنْ
تَنْقَضِىَ الدُّنْيَا يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلاَثَمِائَةٍ فَصَاعِدًا إِلاَّ
قَدْ سَمَّاهُ لَنَا بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ قَبِيلَتِهِ). [أخرجه أبو
داود، السنن، تحقيق: الدعاس، كتاب الفتن، باب الفتن ودلائله، رقم 4243، وفي سنده: ابن
قبيصة، واسمه إسحاق، صدوق يرسل (تقريب 379) وفيه: أسامة بن زيد العدوي، ضعيف (تقريب
315)، وفيه عبد الله بن فروخ الخراساني؛ صدوق يغلط (تقريب 3531)، والحديث ضعيف
بهذا اللفظ؛ وما سبق هو الصحيح من غير ذكر أنه سمّى كل قائد فتنة. وفي رواية أخرى عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ
الْيَمَانِ t قَالَ: «مَا
مِنْ صَاحِبِ فِتْنَةٍ يَبْلُغُونَ ثَلَاثَمِائَةِ إِنْسَانٍ إِلَّا وَلَوْ شِئْتُ
أَنْ أُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَمَسْكَنِهِ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ»، كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا عَلَّمَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ r، قَالُوا: بِأَعْيَانِهَا؟ قَالَ:
أَوْ أَشْبَاهِهَا، يَعْرِفُهَا الْفُقَهَاءُ، أَوْ قَالَ: الْعُلَمَاءُ،
إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ r عَنِ الْخَيْرِ وَأَسْأَلُهُ عَنِ
الشَّرِّ، وَتَسْأَلُونَهُ عَمَّا كَانَ، وَأَسْأَلُهُ عَمَّا يَكُونُ. [أخرجه (بهذا
اللفظ) نعيم بن حماد في الفتن، رقم (16) وفي سنده: عبد الخالق بن زيد، قال
البخاري: منكر الحديث، (ينظر: الذهبي، ميزان الاعتدال، دار المعرفة، بيروت، 2/543].
([33]) أخرجه أبو نعيم في الفتن(25)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ التِّيهِرْتِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَنْعُمَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ
أَبِي ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، وفي سنده:عبد الرحمن بن أنعم؛ ضعيف، (ينظر
الميزان: 2/561-563) وأخرجه نعيم بن حماد بلفظ آخر نحوه؛ قال: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ
الْعَدَوِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ جُنْدُبِ الْخَيْرِ عن
حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: «وَاللَّهِ» مَا أَنَا بِالطَّرِيقِ، إِلَى
قَرْيَةٍ مِنَ الْقُرَى وَلَا إِلَى مِصْرَ مِنَ الْأَمْصَارِ بِأَعْلَمَ مِنِّي
بِمَا يَكُونُ مِنْ بَعْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ "(الفتن رقم 26) وفيه
يعلى بن الوليد، ذكره ابن حبان في الثقات (5/556)،على عادته في ذكر المجاهيل،
وأورده البخاري في التاريخ الكبير (3538) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1300)
ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
([34]) أخرجه نعيم في
الفتن (16) قال:حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ
أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ،به، وفيه سعيد بن سنان الحنفي، متروك (تقريب 2333).
([35]) أخرجه ابن أبي
شيبة في المصنف (37290) وأبو نعيم في الفتن رقم (52)، موقوفاً.
([36]) أخرجه البخاري،
كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة، رقم 525، وأخرجه رقم 1435،و3586، و7096،
ومسلم، كتاب الفتن، باب في الفتنة التي تموج كموج البحر، 2892، والحميدي، رقم 447،
وابن أبي شيبة في المصنف، 36448، وأحمد، 5/401، والترمذي، محمد بن عيسى (ت279هـ) السنن،
بتحقيق أحمد شاكر، مطبعة البابي الحلبي، 1975، كتاب الفتن، باب (بلا عنوان) رقم
2258، وابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (ت273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد
عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية،كتاب الفتن، باب ما يكون من الفتن، رقم 3955،
والنسائي في الكبرى، 319، من طرق كثيرة عن الأعمش، وأخرجه البخاري، كتاب الصوم،
باب الصوم كفارة، رقم 1895، ومسلم، كتاب الفتن، باب الفتن التي تموج كموج البحر،
رقم 2892، والحميدي، 447، من طريق جامع بن أبي راشد، وأخرجه الترمذي، 2258، من
طريق حماد بن أبي سليمان وعاصم بن أبي بهدلة، أربعتهم (الأعمش وجامع وحماد وعاصم)
عن شقيق أبي وائل عن حذيفة به.
([37]) أخرجه مسلم،
كتاب، الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً، 144، والبزار، رقم 2466، وأخرجه نعيم
بن حماد في الفتن، رقم 62، وأحمد، 5/386، و405، وأبو عوانة في المستخرج، 112، وابن
منده في كتاب الإيمان، رقم 342، وأبو نعيم في الحلية، رقم 6225، من طرق عن أبي
مالك الأشجعي (سعد بن طارق)، وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ
غريباً، رقم 144، والبزار في مسنده 2466، وأبو عوانة في مستخرجه، 112، وأبو نعيم
في الحلية، 6225، من طريق نعيم بن أبي هند، كلاهما( أبو مالك ونعيم) عن ربعي بن
حراش عن حذيفة بألفاظ متقاربة واللفظ السلبق لفظ مسلم. وقوله:(التي تموج موج
البحر) أي تضطرب ويدفع بعضها بعضا وشبهها بموج البحر لعظمها وكثرة شيوعها، وقوله:
(عودا عودا) قال النووي: هذان الحرفان مما اختلف في ضبطه على ثلاثة أوجه أظهرها
وأشهرها عُودا عُودا(بضم العين) والثاني عَودا عَودا (بفتح العين) والثالث عَوذا
عوذا، ومعنى عَوداً: تكرار الشيء، وعوذاً: أي يستعاذ منها، وقوله: (فأي قلب
أشربها) أي دخلت فيه دخولا تاما وألزمها، (نكت فيه نكتة) أي نقط نقطة، وقوله: (مجخياً)
معناه مائلا، وقوله: (لا أبا لك): كلمة تذكرها العرب للحث على الشيء والاهتمام إلى
ما يحتاج إليه حالة الانفراد. ملخصاَ من: النووي، أبو زكريا، يحيى بن شرف، (ت676هـ)،
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار الفكر، بيروت، 2/171.
([38]) أخرجه مسلم،
كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، رقم 2779/9، و2779/10، وأحمد في مسنده 4/319، وأبو
يعلى في مسنده، 3/190، رقم 2616، والبيهقي في الكبرى، 8/198، وفي دلائل النبوة،
2011، من طرق عن شعبة عن قتادة، وأخرجه أحمد، 4/262، قال حدثنا عبد الصمد قال
حدثنا همام، كلاهما (شعبة وهمام) عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس بن عباد به)، وقوله:
( في أصحابي اثنا عشر منافقا ) معناه الذين ينسبون إلى صحبتي كما قال في الرواية
الثانية في أمتي ( سم الخياط ) بفتح السين وضمها وكسرها والفتح أشهر، وهو ثقب
الإبرة ومعناه لا يدخلون الجنة أبدا كما لا يدخل الجمل في سم الإبرة أبدا (الدبيلة)
قد فسرها في الحديث بسراج من نار (النووي على مسلم 17/125).
([39]) أخرجه مسلم(2779/10)،
وأحمد (4/319,و5/390).
([40]) البخاري، كتاب
فضائل الصحابة، باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما، رقم(3742) و" المسند
" 6 / 449،دار صادر، بيروت. وصاحب السواك والمطهرة؛ابن مسعود، والذي أجاره
الله من الشيطان؛ عمار بن ياسر، وصاحب السر؛ حذيفة.(ابن حجر،فتح الباري، طبعة
عبدالباقي،دار المعرفة،ج7/ص92)
([41]) أخرجه البخاري،
كتاب المناقب، باب علامات النبوة، رقم 3606، قال حدثنا يحيى بن موسى، وأخرجه في
كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم يكن جماعة، رقم 7084، ومسلم، كتاب الإمارة، باب
وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن،1847/51، قالا حدثنا محمد بن المثنى
وابن ماجه، رقم 3979، مختصر، قال حدثنا علي بن محمد، وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه،
رقم 5760،قال حدثنا علي بن سهل الرملي، والبزار في مسنده، رقم 2564، قال حدثنا أحمد
بن المقدام، والحاكم في المستدرك، 1/197، من طريق إبراهيم بن موسى، وأبي نعيم في
حلية الأولياء، 1/272، والبيهقي في السنن الكبرى، 8/190، كلاهما من طريق محمد بن
المثنى، والبيهقي في دلائل النبوة، 7/412، من طريق داود بن رشيد: سبعتهم (يحيى بن
موسى ومحمد بن المثنى وعلي بن محمد وعلي بن سهل وأحمد بن المقدام وإبراهيم بن موسى
وداود بن رشيد) جميعاً قالوا: حدثنا الوليد بن مسلم، وأخرجه الحاكم، 1/197،
والبيهقي في السنن الكبرى، 8/156، من طريق محمد بن شعيب بن شابور، كلاهما (الوليد
بن مسلم ومحمد بن شعيب) قالا: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني بسر بن
عبيد الله قال حدثني أبو إدريس الخولاني، به، وأبو إدريس هو: عائذ بن عبد الله،
ولد في حياة النبي r، كان عالم الشام بعد أبي الدرداء،
وسمع كبار الصحابة (تقريب 3115).
([42]) ينظر تخريجه في
الحاشية السابقة.
([45]) أخرجه مسلم،
كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة، رقم 1874/52، والبيهقي في السنن الكبرى
8/157، من طريق محمد بن سهل وعبدالله بن عبدالرحمن الدارمي عن يحيى بن حسان قال
حدثنا معاوية بن سلام قال حدثنا زيد بن سلام عن أبي سلام وأخرجه الطبراني، المعجم
الاوسط، 2893، 3/190، من طريق عمر بن راشد اليماني، واخرجه الحاكم 4/547، من طريق
سويد أبي حاتم اليماني، كلاهما سويد وعمر عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن
أبيه عن جده، قال حذيفة به، وزاد الحاكم في أول روايته: أن حذيفة بن اليمان لما
احتضر أتاه ناس من الأعراب قالوا له: يا حذيفة ما نراك إلا مقبوضاً فقال لهم: عبد
مسرور و حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم، اللهم إني لم أشارك غادراً في غدرته
فأعوذ بك اليوم من صاحب السوء، كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
الخير و كنت أسأله عن الشر فقلت: يا رسول الله إنا كنا في شر، وقال قلوبهم قلوب
الرجال ولم يقل قلوب الشياطين) وفي رواية الطبراني والحاكم زيادة(سلاّم بن أبي
سلاّم) بين زيد وجده،وهي من طريق سويد بن إبراهيم؛ سيء الحفظ (تقريب 2687)، ومن
طريق عمر بن راشد؛ضعيف (تقريب4894)،وأشار ابن حجر إلى عدم ثبوتها بقوله: وروى عن
أبي سلام ابنه سلام؛ إن كان محفوظاً (تهذيب 10/296)، كما أن رواية الثقات ليس فيها
ذكر سلام.وأبو سلاَّم هو ممطور الأسود الحبشي، وكان ثقة يرسل (تقريب 6879).
([46]) أبو الحسن علي
بن عمر الدارقطني، الإلزامات والتتبع، بتحقيق الوادعي، دار الكتب العلمية، بيروت –
لبنان، ط2، 1985م، 1/182، وينظر المزي، تهذيب الكمال: 28/484)
([47]) تهذيب التهذيب:
(10/296)
([48]) أخرجه أبو داود
الطيالسي 1/59، 443، عن هشام الدستوائي، وعبد الرزاق، 11/341، 20711، عن معمر ومن
طريقه أحمد في المسند، 5/403، وأبو داود، 4245، وأخرجه أحمد، 5/404، وأبوداود
4244، كلاهما من طريق أبي عوانة، ثلاثتهم (معمر وأبي عوانة و هشام) عن قتادة،
وأخرجه أحمد، 5/386، وأبوداود، 4246، والنسائي في فضائل القرآن، 57، من طريق سليم
بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال كلاهما (حميد وقتادة) عن نصر بن عاصم الليثي،
وأخرجه الطيالسي، 1/59، رقم 443، وأحمد 5/403، وأبو داود، 4247، من طريق عبد
الوارث، وأخرجه أبو داود الطيالسي، 1/59، رقم 443، و أحمد، 5/403، من طريق حماد بن
نجيح، وأخرجه أحمد، 5/403، من طريق شعبة، وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن، 31، من
طريق ابن شوذب أربعتهم (عبد الوارث وحماد وشعبة وابن شوذب) عن أبي التياح، قال
حدثني صخر بن بدر العجلي، وأخرجه أحمد، 5/406، والبزار، 2799، من طريق علي بن زيد،
ثلاثتهم (نصر بن عاصم وصخر بن بدر وعلي بن زيد) عن خالد بن خالد اليشكري به، وسماه
أبو عوانة عن قتادة عن نصر وكذا صخر؛ سموه: سبيع بن خالد، وسماه ابن شوذب خالد بن
سبيع.
([49]) أخرجه أحمد،
5/386، وأبوداود، 4246، والنسائي في فضائل القرآن، 57، من طريق سليم بن المغيرة
قال ثنا حميد بن هلال به.
([50]) أخرجه أحمد 5/406، والبزار 2799.
([51]) أبو داود،
السنن: (4247).
([53]) ابن حبان،
الثقات (6/473، رقم 8647) والتقريب (2903).
([55]) تهذيب الكمال:
10/ 204.
([57]) ابن حبان، الثقات(4/203) و تهذيب
الكمال(10/205).
([58]) قوله دخن: أي فساد واختلاف، وأنها غير صافية، وفسرت في الحديث:
(لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه) أي: لا يصفو بعضها لبعض (النهاية لابن الأثير
2/109). وقوله: قذى؛ القذى: ما يقع في الماء من تراب ووسخ، أراد أن اجتماعهم يكون
على فساد في القلوب (النهاية4/30).
([59]) أخرجه ابن ماجه،
رقم 3981، والنسائي في الكبرى، 5/18، رقم 8033، وفي فضائل القرآن، والحاكم في
المستدرك، 478، من طريق سعيد بن عامر قال حدثنا أبو عامر الخزاز عن حميد بن هلال
عن عبد الرحمن بن قرط به.
([60]) أخرجه ابن ماجة، رقم 3981.
(61) ينظر التقريب (3983) .
([62]) أخرجه أحمد،
5/391،23376، قال حدثنا حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ
حَدَّثَنَا السَّفْرُ بْنُ نُسَيْرٍ الأَزْدِىُّ وَغَيْرُهُ عن حذيفة، فذكره.
([63]) ينظر التقريب (2434).
([64]) أخرجه أحمد،
5/404، 23479، قال: حدثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا بَكَّارٌ
حَدَّثَنِى خَلاَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الطُّفَيْلِ
يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ، فذكره.
([65]) ينظر تهذيب
التهذيب (1/478_479).
([66]) أخرجه أحمد،
5/399، 23438، قال: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ
السَّائِبِ عَنْ أَبِى الْبَخْتَرِىِّ، فذكره).
([68]) تهذيب
التهذيب(4/172).
([69]) أخرجه البخاري،
كتاب المناقب، باب كان النبي e تنام عينه ولا ينام قلبه، 4/200، 3607،
قال: حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، قال حدثني قيس،
فذكره.
(70) هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري
الخزرجي، له ولأبويه صحبة(التقريب 7152) فالحديث فيه ثلاثة من الصحابة: النعمان عن
أبيه عن حذيفة، وبحضور أبي ثعلبة الخشني، وهو صحابي(التقريب8006).
([71]) الملك العضوض:أي
فيه عسف وظلم؛كأنهم بُعَضون فيه( النهاية لابن الأثير3/253).
([72]) أخرجه أبو داود
الطيالسي، 433، وأحمد، 4/273، رقم 18044، والبزار في مسنده، 4/321، رقم 2796،
والبيهقي في دلائل النبوة، 2834، من طريق دَاوُد بْن إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيِّ،
قال: حَدَّثَنِى حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، فذكره.
([73]) التاريخ الكبير (2/318).
وإذا قال البخاري: فيه نظر، فعلى الأرجح يعني الراوي، إلا بوجود قرينة، ولا قرينة
هنا، وينظر: ألفية العراقي وشرحها، التبصرة و التذكرة (2/11) والرفع والتكميل 388.
([74]) تهذيب التهذيب (2/184)
(40) الجرح والتعديل (3/102).
([77]) الكامل في
الضعفاء (3/315).
([78]) تهذيب
الكمال(5/374).
([80]) ينظر: فتح
الباري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة6/616، وكتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم
تكن جماعة13/36، و ينظر:سعيد حوّى، من أجل خطوة إلى الأمام، دار الكتب العلمية،ط2،
1979،ص30-31.
([81]) أبو الفداء
إسماعيل بن عمر بن كثير(ت774هـ)، البداية والنهاية، دار إحياء التراث العربي،
بيروت، ط 1988 م،6/246.
([82]) أكتفي في هذا
المطلب ببيان تخريج الحديث ودرجته، وبيان ألفاظه، أمّا الدراسة المفصلة فلا يتسع
لها هذا البحث.
([83]) أخرجه الطيالسي في مسنده، رقم
424، والحميدي، 446، وأحمد، 5/383، رقم 23303، و5384، و403، والبخاري، كتاب
الرقاق، باب رفع الأمانة، رقم 6497، ورقم 7086، و7276، مختصراً، ومسلم، كتاب
الإيمان، باب رفع الأمانة، رقم 143، والترمذي، 2179، وابن ماجه، 4053، وابن حبان،
6762، والبيهقي في الكبرى، 10/122، من طرق كثيرة عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة
به، وقد صرح الأعمش بالسماع في بعض الطرق منها رواية الحميدي). والأمانة: قيل
فيها: الفطرة، أو الإيمان، أو ما كلف الله به خلقه، أو العهد الذي أخذ على العباد(
فتح الباري، كتاب الفتن، باب إذا بقي في حثالة، 13/39-40)وقوله: (جذرالرجال):
الجذر: أصل الشيء، (الوكت): أثر حرق النار ونحوه، (المجل): أثر العمل في الكف. (فتح
الباري، كتاب الرقاق: 11/334).
([84]) أخرجه أحمد،
5/884، رقم 22644، والبزار في مسنده، رقم 2457، من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن
علية، والطبراني في الأوسط، 8652، من طريق حفص بن عمر نا سهل بن اسلم العدوي
كلاهما عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال (وقال ابن علية أو عن غيره) عن ربعي بن
حراش عن حذيفة به، وهذا إسناد صحيح، وله شاهد من حديث كعب بن عجرة،( أخرجه أحمد،
4/243، وعبد بن حميد، 370، والترمذي، 2259، وأخرجه النسائي، 4218، 7/180، (من طريق
عاصم العدوي عن كعب؛ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لاَ
نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ مِسْعَرٍ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وللحديث طرق عن
كعب: (فأخرجه الترمذي، 614، و615، والطبراني، 15561 من طريق طارق بن شهاب عن كعب،
وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه) (وأخرجه أبو يعلى الموصلي، رقم 166
والطبراني، 15642من طريق الشعبي عن كعب)، ولفظ عاصم عن كعب مرفوعاً:« اسْمَعُوا
هَلْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِى أُمَرَاءُ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ
فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّى
وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَىَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ
عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ
فَهُوَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَىَّ الْحَوْضَ ». قَالَ أَبُو
عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ مِسْعَرٍ
إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ )، ولفظ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ
عُجْرَةَ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أُعِيذُكَ
بِاللَّهِ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِى
فَمَنْ غَشِىَ أَبْوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ فِى كَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى
ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ وَلاَ يَرِدُ عَلَىَّ الْحَوْضَ
وَمَنْ غَشِىَ أَبْوَابَهُمْ أَوْ لَمْ يَغْشَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ فِى
كَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ
وَسَيَرِدُ عَلَىَّ الْحَوْضَ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ الصَّلاَةُ بُرْهَانٌ
وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا
يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ
نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ »
وللحديث
شاهد عن أبي سعيد الخدري؛ أخرجه أحمد، 11891، قال: حدَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ
سُلَيْمَانَ أَوْ أَبِى سُلَيْمَانَ، وقال أحمد: وحدثني:َحَجَّاجٌ قَالَ
حَدَّثَنِى شُعْبَةُ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ
الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « سَيَكُونُ
أُمَرَاءُ يَغْشَاهُمْ غَوَاشٍ أَوْ حَوَاشٍ مِنَ النَّاسِ يَظْلِمُونُ وَيَكْذِبُونَ
فَمَنْ أَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّى
وَلاَ أَنَا مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ
عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ مِنِّى).
([85]) أخرجه ابن ماجه،كتاب الفتن، باب
ذهاب القرآن والعلم، 4185، حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْجَعِىِّ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ
حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، والحاكم في المستدرك، 4/73، كلاهما من طريق أبي
معاوية به،قوله: (يدرس الإسلام): من درس الرسم دروساً، إذا عفا وهلك، ومن درس
الثوب درساً إذا صار عتيقاً.، (وشي الثوب): نقشه، (وليسرى على كتاب الله) أي يذهب
بالليل. (النهاية لابن الأثير).
([86]) أخرجه مسلم،
كتاب الفتن، باب إخبار النبي e فيما يكون إلى قيام الساعة،
2891/22، وأحمد، 5/388، رقم 23339، والحاكم في المستدرك، 4/518.وقوله كرياح الصيف:
أي: فيها بعض الشدة أو دون التي سبقت، لإن رياح الشتاء أشد(النووي على مسلم)، وسبق
ذكر الحديث في بيان معرفة حذيفة بالفتن، وأوردته هنا لإنه يتحدث عما سيكون.
([87]) أخرجه أحمد،
5/389، والترمذي،كتاب الفتن، باب منه، ط شاكر، 4/493، رقم 2209، والبغوي، 2/276،
من طريق عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري الأشهلي عن
حذيفة به، سنده حسن، وقال الترمذي 4/493: حديث حسن،، وقال الألباني: صحيح (صحيح
الجامع 7308) وقوله: لكع: اللكع هو العبد، ثم استعمل في الحمق والذم (النهاية 4/268).
([88]) أخرجه أحمد،
5/389، رقم 23354، قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا عبيد الله بن إياد بن
لقيط عن أبيه عن حذيفة به، قال الشيخ شعيب: صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات
رجال الصحيح لكن إياد بن لقيط لم يدرك حذيفة. ويشهد له حديث أبي موسى الأشعري عند
الطبراني كما في "مجمع الزوائد" 7/324، وقال الهيثمي: رواه الطبراني
وفيه من لم يُسمَّ.
وقوله: "علمها عند ربي لا يجليها لوقتها
إلا هو" هي اقتباس من الآية 187 من سورة الأعراف.
وفي باب الهرج الذي بين يدي الساعة عن عبد الله
بن مسعود سلف برقم (3695) و (4183). وإسناده صحيح.
وعن أبي
هريرة سلف برقم (7186). وانظر شواهده عندهما.أ.ه (المسند38/335) أقول: و شاهد أبي
موسى الأشعري الذي أشار إليه الشيخ شعيب أخرجه أيضاً أبو يعلى، 13/ 160، رقم 7228،
قال: حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا يونس قال: حدثنا عبد الغفار بن القاسم عن إياد بن
لقيط عن قرظة بن حسان قال: سمعت أبا موسى في يوم جمعة على منبر البصرة يقول: سئل
رسول الله r عن الساعة - وأنا شاهد - فقال: لا
يعلمها إلا الله لا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأحدثكم بمشاريطها وما بين أيديها:
إن بين يديها ردما من الفتن وهرجا فقيل: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال: هو بلسان
الحبشة القتل وأن تخف قلوب الناس وأن يلقى بينهم التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا
ويرفع ذووا الحجى وتبقى رجرجة من الناس لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا).لكن فيه
عبد الغفار، ليس بشيء (تاريخ ابن معين 3/366 والجرح والتعديل 6/53) وفيه قرظة،
مجهول (ذكره ابن حبان في الثقات 5/336).
([89]) أخرجه نعيم في
الفتن(1442)، والأصح أن الحديث من رواية جابر كما في مسلم كتاب الفتن باب لا تقوم
الساعة حتى يمر الرجل... رقم 2913، ولفظه عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: يُوشِكُ
أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا:
مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ، يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ
قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا
مُدْيٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الرُّومِ، ثُمَّ سَكَتَ
هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا، لَا يَعُدُّهُ
عَدَدًا» قَالَ قُلْتُ لِأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلَاءِ: أَتَرَيَانِ أَنَّهُ
عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَا: لَا.,أخرجه أحمد22/298رقم144406، وابن
حبان6682.
([90]) تحقيق: سمير أمين الزهيري، مكتبة
التوحيد، القاهرة، الطبعة الأولى، 1412.
([91]) وأخرجه أحمد في المسند (23328).
([92]) وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/569
رقم (8597) وقال: صحيح الإسناد، ولكن تعقبه الذهبي بقوله: بل سعيد (أي ابن سنان)
متهم به.
([93]) وأخرجه الترمذي (2170) وابن ماجه
(4043)، وهو ضعيف.
([94]) وأخرجه الطبراني في الأوسط
(6581).
([95]) أخرجه أحمد، 5/396، رقم 23406،
وأبو نعيم في الحلية، 4/179، من طريق علي بن المديني: ثنا معاذ يعنى بن هشام قال
وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه عن قتادة عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي
عن همام عن حذيفة به.