بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله
وآله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من آفاق فكر الشيخ سعيد حوى
موقفنا من الديمقراطية
الديمقراطية ـ كما يعرفها أصحابها ـ هي حكم الشعب للشعب، أي تشريع الشعب
للشعب، ثم إدارة الشعب للشعب.
والديمقراطية من الناحية التشريعة هي أمر باطل، إذا نظرنا إليها
نظراً فكرياً عقائدياً منطقياً، لأن الإنسان ليس من حقه أن يحكم إنساناً مثلَه،
فيقيده بما يشاء، أو يحرره مما لا يجوز أن يتحرر منه.
إنما يستحق أن يَحْكُمَ الإنسانَ ويُشرِّع له مَن يملكه، مَن هو أعلى منه،
مَن هو أعلم منه، مَنْ هو أحكم منه، والقدرة، مَن له الفضل عليه، مَن خَلَقَه، مَن
يرزقه، مَن يرحمه، مَن يقدر على ثوابه وعقابه، ولا يتصف بذلك إلا الله تعالى، الذي
لا يماثله أحد، فهو الرب الإله، وما سواه خَلْقٌ عَبيد.
فلا يجوز أن يحكم واحد من بيننا؛ يضع الأحكام لنا كما يشاء، فيقيدنا وهو
مثلُنا، أو يحررنا مما قَيَّدَنا به خالقُنا ومالكنا اللهُ تعالى.
فلا يحق لأحد أن يعتدي على حق الله في التشريع، ولا يجوز لأحد أن يحرم ما
أحل الله، ولأحد أن يحل ما حرم الله، ولا لأحد أن يلغي ما أوجب الله.
ومن يعطي حق التشريع
لغير الله؛ فقد كفر وجعل هؤلاء المشرعين آلهة مع الله، قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ
شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَلَوْلا
كَلِمَةُ الفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى:
21].
أما الديمقراطية من الناحية
التنفيذية، فهي أيضاً أمر باطل، لأن حكم الشعب للشعب يعني أنه يجوز لأي إنسان
أن يكون حاكماً أو وزيراً أو مستشاراً، سواء كان جاهلاً أم عالماً، متخصصاً أم غير
متخصص ... والمنطق يقول: إن من يتولى الحكم والمناصب لقيادة الناس ورعاية شؤونهم؛
لا بد أن يكون متصفاً بصفات، أهمها أن يكون عالماً، وأن يكون متخصصاً فيما يتولاه
من شأن، وأن يكون عارفاً بأحكام الله حتى لا يخالفها، وأن يكون عفيفاً عن الشهوات
وعن أموال الناس وعما ليس له، لأنه لا يقدر على العدل من لم يكن عفيفاً، لأن شهوته
وحرصه على الحرام يغلبه، فينحرف الحق ويتحايل ليتوصل إلى باطله، إلى غير ذلك من
الصفات الواجبة في الحكام والمسؤولين.
فلا يجوز عقلاً ولا شرعاً أن يتولى المسؤوليات والقيادات أي إنسان، بل لا
بد من شروط يجب توفرها فيمن يحكم.
مآل الديمقراطية في بلاد المسلمين:
بعد هذه الاعتبارات التي كان الشيخ سعيد حوى يُقررها وينَُبِّه إليها؛ بين
الشيخ سعيد حوى واقعاً يجب أن ينتبه إليه العاملون للإسلام، مع عدم غياب المقدمات
التي ذكرناها.
من حيث الواقع: لو أن الديمقراطية
طُبِّقَتْ تطبيقاً حقيقياً في بلاد المسلمين، لا تزوير فيه، فهي ستؤول إلى الحكم
بالإسلام، لأن الشعوب المسلمة ـ في الغالب ـ لن تختار إلا الإسلام، فهو دينها
وعقيدتها، ولن تختار إلا مَن يحكمها بالإسلام، ولن تختار إلا المخلِصين من أبنائها
...
لأجل ذلك فإن العاملين للإسلام قد يُنادُون بالديمقراطية، أو يمدحونها،
لا إقراراً لها من الناحية الفكرية أو العملية، وإنما ينظرون إلى مآلها
ونتيجتها في بلاد المسلمين على أنها تحقق أهدافهم في إقامة شرع الله ودينه
وحكمه.
ذلك أن الحكم بشرع الله لا بد أن يتولى تنفيذَه قياداتٌ من الناس، فإذا
اختار الناس حكاماً ونواباً ومسؤولين مسلمين علماءَ من أهل الصدق والعدل والكفاءة؛
فلا بد أن يسيروا بالبلاد إلى طريق تحكيم شرع الله سبحانه.
ولا يجوز أن نسارع إلى تكفير من يرى ذلك، ما دام الاعتقاد الذي قررناه
أولاً صحيحاً عنده، من أن الحكم لله، وأنه لا يصح لأحد أن يشرع غير تشريع الله أو يحكم
بغير حكمه.
ولا يخفى علينا أن أعداءَنا يعلمون أن الديمقرطية في بلادنا تؤدي إلى إقامة
الإسلام، لذلك نجدهم حريصين على إقرار حكَّام يَدَّعُون الديمقراطية، لكنهم لا
يحققونها، يقهرون الشعوب، ويزوِّرون في اختيار نواب الأمة، ويختار وزراء ومسؤولين
ظالمين جاهلين غير عفيفين، ويعملون لمصالح أعدائنا من الغرب وغيره.
فلا يغتر أحد بدعوة بعض الدعاة والعلماء والعاملين للإسلام إلى
الديمقراطية، فيظن أنها جائزة أو أنها أصل في الحياة الإسلامية، وإنما الأمر على
ما فصلنا.
هذه خلاصة فكر الشيخ سعيد حوى في هذا الشأن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولده: معاذ سعيد حوى