بسم
الله الرحمن الرحيم
من كلمة الأستاذ يوسف
العظم رحمه الله عن الشيخ سعيد حوى رحمه الله على قبره عند دفنه:
لتحمل
الأنباء وتسطر الأقلام ولتتحدث
التقارير السياسية عن المودّعين للشيخ الذين جاءوا لا لدنيا
يصيبها ولا يبتغونه في حياتهم الفانية
،هذه هي الجماهير الحقيقية …
العلماء لما قالوا
لمعذبيهم موعدنا يوم الجنائز ،هذا الذي قصدوه ، ما جاء منكم منافق ولا كاذب ، ما جاء مزور لعاطفة ، ما جاء من
يبتغي أجر الدنيا، ولكنكم جئتم لله ،
وجئتم في الله ، وجئتم حباً بأخيكم في الله.
الرّجل الذي كنت كثيراً
ما أزوره في بيته فلم أجد فراشاً وثيراً
ولا سحاباً نعيماً ولا حياة هادئة ولكنه
كان تهدنا في سجدته لله في جوف
الليل.
وكتب
الأستاذ يوسف العظم في الدستور الأردنية في 11/3/1989 مقالة تحت عنوان :
وفاء ولا رياء
(الشيخ سعيد حوى )
في
المستشفى الإسلامي بعمان أسلم الداعية الإسلامي سعيد حوى الروح لتصعد إلى بارئها
راضية مرضية بإذن الله، وحوله نفر من أهله وبنيه وأصدقائه وتلاميذه ومحبيه.
لازموه
في المقام، ورافقوه في المسيرة، والتزموا بما يلتزم به من شظف العيش وتواضع المأكل
والملبس ما كان يزين هامته من عزة نفس واستعلاء على المستكبرين.
لم
ينحن يوماً لغير ربه، فعاش مع (الكتاب) الذي يهدي للتي هي أقوم وتتلمذ على ثلة من
الأولين والأبرار من علماء سوريا الشوامخ من أمثال محمد الحامد، ومحمد الهاشمي،
وحسن حنبكة، ومصطفى الزرقا، وفي مسيرته الجامعية التي تخرج من كليى الشريعة بدمشق
عام 1960م، ثم انطلق يربي الشباب ويكتب للحيارى والمهتدين منهم على حد سواء لهتدي
الضائعون ويزداد الذين آمنوا إيمانا وعلى ربهم يتوكلون.
ألف
الشيخ عدداً من الكتب التي تعتبر رائدة في بابها ومنهاجها منها سلسلة في العقيدة:
الله، الرسول، الإسلام، جند الله تخطيطاً، جند الله ثقافة وأخلاقاً، وختم حيته
بكتاب ضخم في التفسير أودعه من فقيه، ونظرته الشرعية للحياة، وتجربته في المسيرة
ما يعد جديداً في بابه، وجاء "الأساس في التفسير" في اثني عشر مجلداً
طليعة بين التفاسير الحديثة والمعاصرة في المنهجية واعية وفقه للدعوة سليم.
كان
الشيخ يجمع إلى بساطة العيش وتواضع الملك شموخ النفس في غير كبر وعزة المؤمن في
غير عنجهة، وإن الجالس غليه ليحس بعمق المفكر ويراه الشاب وصدق الداعية لتشكل معاً
شخصية الإنسان المسلم والمسلم الإنسان.
كان
الشيخ سعيد يعيش مع البساطة في أجلى مظاهرها بثوبه الأبيض النقي، وعمامته التي
تعلو جبينه الناصع، وكان حديثه في همس ودود وغضبه تشتد ثم يتراجع عنها إذا عرف أن
الحق مع مخالفيه، وإن كان صلباً لا يلين بسهولة ولا يتراجع إلا بالأدلة الشرعية قد
حضر ما كان يراه بلا دليل، لقد كان وقافاً عند الحق، رجوعاً عن الباطل ملتزماً
بشرع الله الذي لا يضل ولا يغوي.
لقد
ربى الشيخ أبناءه أحسن تربية وقل أمثاله الذين ينقلون لأبائهم الفكر النير الذي
يحملون والحكم الشرعي الذي له يعيشون فتخرحا جميعا من الكليات الشرعية في دراسة
إسلامية واعية تجمع بين المنهج العلمي والمنهج الحركي اللذين يطالبان بتحكيم شرع
الله، ويجاهدان من أجل ذلك ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلاً.
رحم
الله الشيخ سعيد حوى قدر ما أغاظ المضلين وفرح المؤمنون بما قدم وأعطى وأثابه عن
جهاده عبر المسيرة الخيرة والرحلة الهادفة المباركة أحسن الثواب وجعل له الجنة
مأوى وحسن مآب.