أهمية
التزكية والتربية للمسلمين وقياداتهم في نظر الشيخ سعيد
كتبه ولده:
د. معاذ سعيد حوى
لقد كان يرى الشيخ سعيد
حوى رحمه الله أهمية كبرى للتزكية والتربية الإيمانية عند المنتمين إلى الحركات
الإسلامية، وهذا ما الذي دفعه إلى كتابة كتب في هذا المجال.
إن مجرد العلم بالحق لا
ينجي عند الله فقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين تسعر بهم النار فذكر
منهم عالماً تعلم العلم ليقال عالم، والعلم ما لم يعمل به صاحبه فهو حجة عليه،
والعلم والعمل ما لم يكن صاحبهما مخلصاً فيهما لله فلا فائدة منهما، وحتى يكون
المسلم مخلصاً صادقاً في علمه وعمله فلا بد له من تزكية نفسه وتطهيرها من أهوائها
وميولها وشهواتها وإرادتها للدنيا، وهذه أمور قررتها الشريعة، وأمرت بالإعراض عمن
يريد الدنيا (فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا) فكيف نرضى
لأنفسنا أن نكون من طلاب الدنيا والشهوات والأهواء (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه).
إن تزكية النفس لها
حجمها الكبير في الكتاب والسنة والصحيحة، وقد ذكر الوالد نحواً من ستمائة حديث
تتعلق بهذا العلم في بداية كتاب: (مذكرات في منازل الصديقين والربانيين)، فكيف
يهمل مسلم هذا العلم الذي به إخلاصه وصدقه وصلاح أمره وصحة عبادته وجمال معاملته وسمو
أخلاقه.
لكن من المعلوم أن هذا
العلم داخَله شيء كبير من الدَّخَن أو الاستدلال بالحديث الضعيف والموضوع أو
الوقوف عند طقوس ومظاهر مع الغياب عن حقيقة علم التزكية، فاحتاج هذا العلم إلى تنقية
وإعادة إلى نصابه المنضبط بالكتاب والسنة الصحيحة والمستنبط منهما، وهذا ما حاوله
الوالد رحمه الله في كتبه الثلاثة من سلسلة التربية والتزكية والسلوك، وكان ينبه
إلى أنه لا ينبغي أن نقف عند التسميات بل نتعداها إلى المضمون، فالمضمون المستنبط
من الكتاب والسنة لا يجوز لأحد أن يتركه لأجل التسميات التي صارت لها سمعة سيئة،
فكان رحمه الله يدعو إلى التصوف العليم المحرر، أي المبني على العلم الصحيح المحرر
من الدخن والشوائب، الذي لا يعترض على شيء منه عالم العقيدة والفقه، وقد حاول
الشيخ محاولة كبيرة في كتاب تربيتنا الروحية أن يقف موقف التوازن المعتمد على
الدليل الشرعي في محاكمة التصوف، فابتعد عن الإفراط والتفريط، فنبه إلى الخير
والحق الذي فيه، ولم يدافع عن الباطل الذي دخله، من غير أن يكون في هذا أو هذا
مائلاً بهواه ومتأثراً بردة فعل.
ولما كان هذا العلم
المحرر هو من الدين والشريعة فلا بد أن يتمسك به كل مسلم، فضلاً عن أبناء الحركة
الذين يحملون الإسلام ويدعون إلى كل جوانبه، إذ لا يمكن أن تجذب الناس إلى دينك من
دون أن تكون على حظ وافر من الأخلاق، والتزكيةِ في القلب والجسد، والسلامةِ
والطهارة في الاعتقاد والعبادة والمعاملة.