منهج الشيخ
في التزكية
كتبه: د.
محمد سعيد حوى و د. معاذ سعيد حوى
لقد كان من أهم ملامح
أسلوبه التربوي لمن حوله:
أولاً: كان الشيخ رحمه الله هيّناً ليّناً أليفاً ودوداً
أريحياً كريماً، بعيداً عن التكلف، قريباً من القلوب، يألف ويؤلف، لطيفاً بمن حوله
من أهله وأبنائه وتلامذته وإخوانه، وإذا وجد مخالفة للشرع وآدابه فإنه يتعامل مع
مثل ذلك بحزم وصرامة، وكان رحمه الله صبوراً على إخوانه فربما أثقلوا عليه وكان
متعباً، لكنه لم يكن يشعر جليسه أو تلميذه بشيء ويصبر ويتحمل، بل يشعر الضيف
بالأنس، ولا يدع خيراً ولا فائدة يستطيع أن يبذلها له إلا فعل.
ثانيا: لم يكن يتساهل أو يغض الطرف عن الصغائر، لأن التساهل
في الصغائر يؤدي إلى كثير من الكبائر،فينبّه دائماً إلى النظرة المحرّمة مثلاً، ينبه
إلى أهمية العبادة والتهجد،إلى أهمية إكرام الضيف، إلى أهمية طيب الكلام بين الإخوان
والأولاد في التعامل فيما بينهم، ينبه إلى أهمية دقة الكلام وصدق الوعد ونحو ذلك.
ثالثا: كان يهتم بالتربية على بعض الأخلاق الخاصة مثل
الشجاعة وحسن القيام بالمسؤولية، والصبر
والحلم والكرم والشجاعة، كما كان يهتم بأداء الواجبات المختلفة وأن لا يكون أمر على
حساب أمر، فيتابع مثلاً أمر الصلاة عند أولاده، كما يتابع أمر الدراسة، وأمر الأدب
والخلق واختيار الصحبة.
رابعاً: كان الشيخ يربي على الجمع بين الاهتمام بالعبادة
والحرص على التزكية والتحقق بالحال القلبي الأرقى، والحرص على العلم الشرعي النافع
والتوسع في طلبه، وطلب الهمة العالية لتحصيله، والحرص على الدعوة، وغير ذلك، كما
كان يربي على التضحية لله، وفهم قضية الجهاد والدعوة، كما كان يؤكد على أهمية حفظ
كتاب الله لطالب العلم، وحفظ ما استطاع من السنة، وضبط اللغة، فذلك من عدة العالم
والداعية، التي لا يستغني عنها بحالٍ أبداً.
خامساً: كان يهتم بإبداء الملاحظات اليومية لأبنائه، فيما
يحتاج إلى تصحيح وتقويم، ومنهجه في ذلك الصبر وطول النفَس والحلم الواسع، فيشير
إلى الخطأ إشارة ويكرر الملاحظة مرة بعد مرة، ولا يلجأ إلى الشدة إلا بعد أن يتم
التجاوز في الخطأ بعد التنبيه إليه مراراً.
ومع
ذلك فإذا أوقع عقوبة فيها شدة؛ فلا بد بعد ذلك من المصالحة والمحاسنة وإعادة
البسمة وتصفية الصدر.
سادساً: كان الشيخ يقدّر محدثه وزائريه، ويهتم اهتماماً
خاصاً بعنصر الشباب وحوارهم، للإفادة من نظراتهم وثاقب فكرهم، ولتعليمهم استعمال
الفكر ودقة النظر.
سابعاً: كان يركز الشيخ إخوانه على تنظيم الأوقات ويربي
إخوانه وأولاده على ذلك، مبيناً لنا أن بركة الوقت في تنظيمه.
وكانت أهم الوسائل
العملية للتزكية التي ينصح بها الشيخ ويوصي بها كثيراً:
· طلب
العلم الشرعي ولو بالحد الأدنى الذي يجب أن يعرفه كل مسلم.
· صحبة
أهل الاستقامة، لاسيما العلماء المُرَبِّين الربانيين الصادقين، وصحبة العاملين
للإسلام والانتساب إليهم.
· التحلي
بالصبر والمجاهدة لشهوات النفس، ومخالفتها فيما تخالف به الشرع الشريف.
· الإكثار
من قراءة القرآن مع التدبر لمعانيه، على أن لا يقل عن قراءة ثلاثة أرباع الجزء في
اليوم.
· ذكر
الله مع الحضور، وأقله ورد في الصباح: مائة استغفار، ومائة صلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم، ومائة تهليل: لا إله إلا الله.
· قيام
الليل مع الخشوع.
· الصيام.
· الانتباه
إلى مراقبة الله وأنه يسمعنا ويرانا حيثما كنا.
· الحرص
على أخلاق الإسلام الراقية وآدابه الرفيعة.
· السعي
إلى التخلص من أمراض القلوب، كالرياء، والكِبْر والغرور.
· خدمة
المسلمين وعونهم والتواضع لهم.
· وكان
مما كان يوصي به طلاب العلم: عدم التوسع في العلاقات الاجتماعية خلال فترة طلب
العلم، لأن هذه العلاقات غالباً ما تكون على حساب طلب العلم، كما أنها تكون على
حساب تزكية النفس وتهذيبها، وعلى حساب الاجتهاد في العبادة والذكر وقراءة القرآن
وحفظه.