التأليف في
حياة الشيخ سعيد حوى ومنهجه العلمي فيه
كتبه ولداه:
د. محمد سعيد حوى و د. معاذ سعيد حوى
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
بداية التأليف في حياة
الشيخ، وأول كتبه تأليفاً:
بدأ الشيخ
التأليف في بداية الثلاثينات من عمره، فكانت أول كتبه التي ألفها: كتاب جند الله
ثقافة وأخلاقاً، والأصول الثلاثة : الله جل جلاله،
الرسول صلى الله عليه وسلم، الإسلام، فبين في هذه الكتب عقيدة المؤمن بالله ورسوله
وأنها تقوم على أساس صحيح من المنطق والعقل تكفي لإقناع غير المؤمن إذا صدق في طلب
الحقيقة، وأيدها بالنصوص الشرعية ليثبت توافق النصوص مع ما يدل عليه العقل،
وليزداد أهل الإيمان إيماناً، وبين في كتاب الإسلام كمال تشريعاته وشمولها وثبات
مبادئه وصلاحها للبشرية في كل زمان ومكان، كما بين أخلاقيات المسلم التي ينبغي أن
يكون عليها كل من انتسب إلى هذا الدين، وما هي الثقافة والعلوم التي يجب أن يحيط
بها المسلم وخاصة الملتزم الذي يريد أن يحمل دينه ودعوته.
ملكة التأليف ودوافعه وغزارته
عند الشيخ سعيد:
لقد كان انتساب الشيخ إلى الحركة الإسلامية سبباً مهماً في اهتمامه بواقع
الأمة وما يلزمها من أمور لتنهض وتعود إلى دينها ومجدها، فلم يكن الشيخ حريصاً على
التأليف لذاته، وإنما كان ينطلق في تأليفه واختيار موضوعات كتبه من واقع الأمة
الإسلامية واحتياجاتها.
فكان الشيخ ينظر فيما تحتاجه المكتبة الإسلامية من كتب فيكتب فيه،
فمثلاً كتاب: الله جل جلاله، لا تجد في المكتبة الإسلامية مثله في نسيجه من الجمع
بين أدلة العقل والفطرة وأدلة الشرع، ولا تجد طرحاً يماثله في اختيار الظواهر
الكونية الدالة على الله تعالى، في سبيل تعريف المسلم بربه، وتفنيد دعاوى الملحدين.
ولا تجد مثل كتاب الرسول صلى
الله عليه وسلم في عرضه لجوانب شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وكماله، وما يحمل
ذلك من دلالة على أنه أعظم الخلق وأنه خاتم المرسلين وأنه يجب اتباعه.
وهكذا الأمر في جميع ما ألفه فإما أنه كان يراه ضرورياً للأمة
الإسلامية أو للحركات الإسلامية أو لعلمائها وأبنائها.
أما ملكة التأليف فهي انعكاس لسعة العلم ونضوج الفكر، وانتظام
الأفكار، فكانت ملكة التأليف وسهولته عنده أثراً عن اجتهاده في طلب العلم، ثم
اجتهاده في معرفة الواقع وما يحتاجه من تقوية للخير ومجابهة للشر والأمراض التي
تعيشها الأمة في هذا الزمان، ثم ما يمضيه من ساعات طويلة في التفكر لوضع الأمور في
مواضعها واستخراج ما ينفع الأمة في ذلك.
لقد كانت
البركة في حياة الوالد رحمه الله واضحة، ونظن ذلك من علامات الإخلاص والصدق والله
أعلم، فعلى الرغم من كثرة ضيوف الشيخ ومشاغله الدعوية وعلى الرغم من أوراده
اليومية؛ فقد ألّف كتبه الكثيرة التي تساوي نحو خمسين مجلداً.
ولقد كان التيسير واضحاً في عمله وتأليفه،
فمثلاً كتاب المستخلص الذي هو اختصار لكتاب إحياء علوم الدين؛ أنجزه الشيخ خلال
شهرين، وكتاب فصول في الإمرة والأمير كتبه في شهر تقريباً، وكتاب جند الله تخطيطاً
أملاه على ولده معاذ في آخر حياته وقد ذهب بصره، فكان يملي عليه في كل يوم فصلاً،
فأنهى الكتاب في أربعين يوماً من غير رجوع إلى مصدر أو كتاب، وإنما يملي من ذاكرته
وفكره وما يحفظ من قرآن أو سنة.
ولقد كانت
همة الشيخ كبيرة، وذلك لما يحمله من همّ لدعوته وأمته، فلم يكن يدع ساعة من عمره
من غير عبادة أو عمل أو علم أو كتابة أو دعوة، عدا عما يشغل به من استقبال ضيف أو
قضاء حاجات أو زيارة مريض أو صلة رحم.
وقد وفق
الله تعالى الشيخَ وهو في السجن، فاغتنم فترة السجن في العبادة والتعليم والتأليف،
فكان الأساس في التفسير من أهم مؤلفات الشيخ التي ألفها في السجن، وكتاب خطوة إلى
الأمام على طريق الجهاد المبارك.
كتب الشيخ سعيد التي
طبعت:
كتب في
الأصول الثلاثة كما ذكرنا وسماها: سلسلة الأصول الثلاثة، حيث كتب فيها هذه
الكتب :
1. الله جل جلاله.
2. الرسول صلى الله عليه وسلم.
3. الإسلام.
وكتب فيما
تحتاجه الدعوة الإسلامية وأبناء الحركات من فكر و أخلاق ومنهج وتنظيم في سلسلة
سماها: سلسلة فقه الدعوة والبناء والعمل الإسلامي، فكانت كتبه التي صدرت من
هذه السلسلة:
1. جند الله ثقافة وأخلاقاً.
2. جند الله تخطيطاً.
3. جند الله تنظيماً.
4. المدخل إلى جماعة الإخوان المسلمين.
5. دروس في العمل الإسلامي.
6. جولات في الفقهين الكبير والأكبر.
7. فصول في الإمرة والأمير.
8. في آفاق التعاليم.
9. كي لا نمضي بعيداً عن احتياجات العصر. (11
رسالة).
10. هذه تجربتي وهذه شهادتي. القسم الأول.
11. من أجل خطوة للأمام على طريق الجهاد المبارك.
وكتب فيما يكون
الشخصية العلمية للدعاة والعلماء وأبناء الحركات الإسلامية: سلسلة الأساس في
المنهج، وصدر منها:
1. الأساس في التفسير 11 مجلداً.
2. الأساس في السنة وفقهها، وقد طبع منها 14
مجلداً: قسم السيرة النبوية وقسم العقائد الإسلامية وقسم العبادات.
كما كتب فيما يحتاجه
المسلم في تزكيته لنفسه وتقربه من الله: سلسلة التربية والتزكية، وتضمنت
ثلاثة كتب:
1. تربيتنا الروحية.
2. المستخلص في تزكية الأنفس.
3. مذكرات في منازل الصديقين والربانيين.
كتب الشيخ سعيد المخطوطة:
بقي من كتاب الأساس
في السنة وفقهها، القسم الرابع والخامس، مخطوطان، يتوقع أن يكونا نحو عشر
مجلدات بعد الطبع، نسأل الله أن يسهل تهيئتها للطباعة عن قريب.
ومن المخطوطات التي لم
تطبع بعدُ كتاب: الأساس في قواعد المعرفة وضوابط الفهم للنصوص، وهو كتاب
يفصل فيه الشيخ بعض ما قدم له في كتاب جولات في الفقهين الكبير والأكبر، ومما يدخل
فيه علم المنطق وعلم أصول الفقه، لكن هذا الكتاب لم يكتمل بعد، وفيه فوائد كثيرة
وتسهيل وإعادة صياغة لهذه العلوم، عسى الله أن يعيننا على إكماله أو إخراج فوائده.
ومن المخطوطات التي لم
تطبع بعدُ: القسم الثاني والثالث من كتاب هذه تجربتي وهذه شهادتي، ويتكلم فيه
الشيخ عن تجربته في التنظيم السوري للإخوان، كما يتكلم عن أحداث حماه سنة 1982م،
عن أسبابها، ومآسيها، وتفصيلاتها، وما أدت إليه، ومن يتحمل مسؤوليتها، وعلاقة
الإخوان وغيرهم من الإسلاميين بذلك، وسيطبع هذا الكتاب في الوقت المناسب إن شاء
الله.
ومن المخطوطات التي لم
تطبع كتاب: جند الله تنفيذاً، وقد توفي الشيخ ولم يُكمِل هذا الكتاب.
المنهج العلمي
والأسلوب الذي كان يعتمده الشيخ في التأليف؟
كان الشيخ
ينطلق في جميع مؤلفاته من منطلق ديني خالص، لذلك فهو يحرص على أن لا يثبت فكرة إلا
بدليلها من الكتاب أو السنة.
ويبرز
الفكرة التي اقتنع بها بأدلتها، من غير أن يخوض في ذكر المخالف والرد عليه في
الغالب، وربما يرد على المخالف من غير أن يشير إليه، كما تجد هذا واضحاً في رسالة
الإجابات مثلاً، وهي رد على بعض من اعترض على الشيخ.
وكان يحترم
رأي من يخالفه، ما دام ينطلق من الكتاب والسنة، وإن اختلفت وجهات النظر، إذا كان الاستنباط
من الكتاب والسنة يحتمل ذلك الاجتهاد.
ولم يكن الشيخ
يتكلف في تآليفه، وإنما كان يكتب وكأنه يتكلم مع القارئ، ولم يكن حريصاً على إعادة
صياغة فكرة صاغها السابقون، فربما نقل صفحات في كتبه لأنها تؤدي الغرض من الكتاب
والفكرة، فكان همه أن يوصل المفيد الجديدَ المؤثّر.
ويختلف
الأسلوب باختلاف الكتاب وموضوعه ومجاله، فكُتُب الدعوة والعمل الإسلامي وما فيها
من تفصيلات فكرية وتنظيمية، يكثر فيها النظر الفكري والاستدلال بالبديهيات
والتفصيلات المبنية على معرفة الواقع والتخطيط المناسب له، وقد يقل لأجل ذلك فيها
ذكر أدلة الكتاب والسنة نسبياً، بينما تجد كتاب الأساس في السنة وفقهها كله مبني
على أحاديث السنة الصحيحة، التي جمعها من عشرين كتاباً هي أهم كتب السنة، واستخرج
منها الأحاديث الصحيحة والحسنة، مع شرح كلماتها، وذكر بعض فوائدها من كتب شروح
الحديث وكتب الفقه.
وكان الشيخ
رحمه الله يعتني بمراجعة كتبه وتنقيحها، مرة بعد مرة، وقد راجع جميع كتبه ونقحها
وصححها قبل وفاته بسنوات قليلة، ثم قدمها للطبعة الأخيرة التي طبعت في حياته، في
مصر في دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة.